ب- الإِعراب:
الإِعراب ثمرة الدروس النحوية ونتيجة ضوابطها، وخلاصة ما يُنتهي إليه في تحرير المعنى عند الخلاف. فليس الإعراب نشاطاً ذهنياً يُقصد به شحذ أذهان المتعلمين وإيقاظ الوسنانين، بل هو وسِيلةٌ ماضية في توجيه النصوص وبيان المراد منها، وَرُبّما يصبح غاية في إيضاح ما في الكتاب العزيز من البيان وفصل الخطاب.
وقد حث المتقدمون من أئمة العلم على الأخذ بالإعراب والتبصّرَ فيه والوقوف على أثره في توجيه المعاني وتحرير النصوص من اللبس والغموض.
وفي هذا السفر من تفسير ابن أبي الربيع نجد اهتماماً بالإعراب، وإبرازاً لأثره أحياناً في توجيه النصوص واستنباط الحكم، وقد توخى في الإِعراب أقرب الوجوه وأعدل الأقوال، ولم يوغل لا المسائل المشكلة من دقائق الإعراب وعويصه، بل اعتام السهولة حتى فيما أشكل إعرابه توخى له أقرب الوجوه وأسلمها من الغموض، وفيما يلي نورد نماذج مما أعربه من الآيات، ومما وجه به لإِبراز معنى أو استنباطِ حكم.
قال- رحمه الله في توجيه الآية الكريمة: (ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلمْتُقَّينَ) (١) :
"ذا" إشارة وَهو الاسم المبتدأ، واللاّمُ زائدة، والكاف حرف خطاب، وَلَيْسَتْ هنا باسم، إذْ لو كانت اسماً لكانت في موضع خفض أو نصب، ولا خافض لها ولا نَاصِب، فهي حرف خطاب، ونظير هذه التاءُ من كنت وَأَنت، والضمير أنْ خاصة، وكذلك رأيتك، الكاف حرف خطاب، والضمير التاء، وكذلك رُويدك، الضمير مستتر والكاف حرف خطاب.
وهذا يكمل في كتب العربية. وللنحويين في هذا كله خلاف، والأحسنُ فيها ما ذكرتُ لك.