المعنى- والله أعُلَمُ- لَدَى إلقاءِ أم قَشْعِمِ، فأتى بلدى وحيثُ والمعنى واحدٌ، ثم جاء بعدَ حيثُ بجملةٍ في مَوْضِعِ خفضٍ دلّت على مخفوضِ لَدى، ولدَى تطلبُ مخفوضاً، وحيثُ تطلبُ جُملة في موضع خفضٍ، فأتى بالجملةِ لحيثُ ودَلّ على مخفوضِ لدَى، فقولك: (والّذين مَنْ قبلكم) الّذين ومَنْ معناهما واحدٌ، فكأنَّ مَنْ بدلٌ مِن الّذين، وكِلاهما يَطْلبُ الصِّلَة فأتوا بالصلةِ لِمَنْ فَدَلّت على صِلةِ الّذين. وقد تحذفُ الصِّلةُ إذا عُلِمَتْ.
وهذا تعليلٌ ما سُمِعَ ولا يُقالُ بالقياس، وإذا تَتَبَّعْتَ مَا قَلْتُ لكَ وجَدْتَهُ.
المبحث الرابع
المسائل الصّرفيّة
أورد ابن أبي الربيِع في هذا السفر من تفسير الكتاب العزيز وإعرابه مسائل في التصريف، تناول بعضاَ منها بشيءٍ من الإيجاز وبسط القول في بعضٍ بسطاً قلمّا وُجدَ عند غيره في كتب التفاسير وإعراب القرآن، ووقف عند دقائق من التصريف فجلَّى مبهمها وفصلَ مجملها تفصيلاً يعزّ وجوده في غير الكتب المتخصصة، وعزا الأقوال والآراء التي تذكر في بعض القضايا الصّرفية إلى أصحابها ليمكن للباحث والدارس من المراجعة والنظر على ضوء ما ناقشه من المسائل في هذا السفر، وفيما يلي نوردُ بعضاً من المسائل الصرفية التي تناولها ابن أبي الربيع بالمناقشة والتحليل في هذا السفر من تفسيره.
قال في تصريف كلمة "رَبِّ" من الآية (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالمِينَ) :
(.. رَبّ " وَزْنُهُ فَعِلٌ بكسرِ العَين، والأصلُ: رَبُبَ، ثُمَّ أدغم، وليْسَ فعلاً بسكونِ العَينَ، لأنهم قالوا في الجمع: أرْبابٌ، وليسَ الأصلُ فعلاً بفتح العين، إذ لو كان كذلك لم يُدغَمْ، ألا ترى الطّللَ والشّررَ لم يُدغما، وليس الأصلُ فعُلَ بضم العين؛ لأن هذا يَقلُّ في الصِّفات، وفعِلٌ بكسر العين يكثُرُ فيه. قالوا: حَذِراً، وبَطِراً، وأشراً