المبحث الخامس
" الاشتقاق "
تناول ابن أبي الربيع طائفة من الكلمات في آي القرآن الكريم بشيء من التحليل والمناقشة والتحقيق في أصولها في الاشتقاق، وعرض للخلاف الوارد في اشتقاق بعض الأسماء، وناقش ذلك مناقشة علميّة مدركة مساقط الخلل وجوانب الصحة والصواب، فضعف ما رآه ضعيفاً ورجح ما استقر عنده رجحانه، مبيناً سبب الضعف وحجته فيما ضعّفه، ووجه الصواب فيما رجحه، وفيما يلي أمثلة ونماذج من مسائل الاشتقاق التي أوردها ابن أبي الربيع.
اشتقاق الاسم
قال في بيان اشتقاق الاسم في مُسْتَهَلّ كلامه على (بسم) اختلف البصريون والكوفيون فيه:
فذهب البصريّون إلى أنه من سَما يَسْمو، وأنّ اللاّم فيه محذوفة، وهو بمنزلة ابن واسْت، واستدلّوا على ذلك بالجمع والتصغير، قالوا في الجمع: أسماء وفي التّصغير سمىّ، وقالوا: سميت فردوا اللاّم فيها فدَلّ على أنّ اللاّم هي المحذوفة.
وذهب الكوفيون إلى أنه من الوسم، وهو العلامة، وأنَّ فيه تقديماً وتأخيراً. وأمّا أسماء وسُمَيّ فهو مقلوب، وأصلهُ وسم ثمّ أخِّرت الفاءُ وجُعِلَت مكان اللاّم، وقالوا: أسماء، وقالوا: سُمِي، وقول الكوفيون أقربُ مِن جهة الاشتقاق، وهو مع ذلك أضعف مِن جهة القلب، وقول البصريون أقرب؛ لأنه ليس عندهم فيه قلب، والاسم يظهر مُسمّاهُ ويصيره بحيث تراه، فالاشتقاق فيه قريب، وإن كان اشتقاق الكوفيين أقرب إلى إنّ هذا القرب مِن إدْعاء القلب. (٤).