وتكرر هذا التوجيه في أن المصدرية الناصبة للمضارع في قوله تعالى: (وإنَّ الله لا يستحي أَن يَضْرِبَ مَثَلًا مَّا بَعُوضَةً) فقال:
(.. إنّ "يَضْرِبَ " على إسقاط حرف الجر، وأصله إنَّ لا يَسْتحي من أن يَضْرِبَ، ثم حُذفت مِنْ، وقد تقدم أن حذفها في هذا الموطن قياسٌ، واختلف الناس في بقاء عمله وزواله، كما اختلفوا في أنْ، وكلا القولين له وجه. والأظهر عندي أن يبقى العمل فيما حذفه كثير، ويجرى مجرى ربّ، فإنها حذفتْ وبقى عملها (١٢٠).
ثانياً: تصغير كلمة " ناس "
عرض ابن أبي الربيع لتصغير بعض الأسماء والأعلام التي جرى فيها خلاف بين أئمة النحو المتقدّمين وقد رَجّح ما ذهب إليه سيبويه، لأن عليه أكثر النحويين، ومن أمثلة ذلك تصغير كلمة النّاس الواردة في قوله عز وجل: (وَمِنَ النَّاس مَن يَقُولُ آمَنَّا بالله..) ١قال في تصغيرها:
(.. يقالُ: ناسٌ قليلاً بغيرِ هَمْزةٍ، ويقالُ في تَصْغِيرِهِ نُوَيْسْ، ولا تُرَدُّ الهمزةُ للتصغير؛ لأنَّ بناء التصغير يقومُ مِمَّا بقي من الحروف، فإن لم يكن بناءُ التصغير يقومُ مِمَّا بقيَ من الحرُوفِ رُدَّ المحذوفَ، كقوله: دُمَيٌّ وُيدَيٌّ هذا هو مذهب سيبويه والخليل. ويونُسُ يذهبُ إلى رَدِّ المحذوفِ من المكَبّرِ سَواء كان بناءُ التصغير يقومُ مِمَّا بقي فن الحروف أو لا يقومُ، فيقولُ في هار: هُوَيْئِرٌ، فيلزم أنْ يقولَ في ناسٍ: أنيسٍ، وعلى مذهب سيبويه أكثرُ النحويين، وهو أصح، وبيانُ هذا في كُتُبهم٢ (٤٣).
٢ينظر الكتاب ٣/ ٤٥٦، والأصول لابن السهل ٣/ ٦١، وشرح السيرافي ٦٢٧/٢! ٦٢، وشرح الشافية ٢٢٤/١، والملخص ٢/١٥٣.