خرج الزّمَخْشرِيُّ كلمة "أعْلَم " من قوله تعالى: (وَأعْلَمُ مَالاَ تَعْلَمُونَ) ١على معنى التفضيل، أمَّا ابن أبي الربيع فجعل "اعلَمُ " هنا فعل مضارع واسْتَبْعَدَ ما ذهب إليه الزمخشري، ومما قاله:
(.. "اعْلَمُ " هُنا فِعْلٌ مضارعٌ يُراد به الحالُ المسْتَمِرّة و"ما" مفعول بأعْلَمُ، والتقدير: بما تَعْمَلون أبداً، ودخلَتْ لا هنا لنفي المستقبل، وقدْ قِيلَ في هذا أقوالٌ أحسَنهُا عندي ما ذكرته.
وجاءَ بعضُ المتأخّرينَ وذهبَ إلى أنَّ "اعلمُ " هُنا أفعلَ تفْضيلٍ٢، وهُوَ شيءٌ بعيدٌ، مقصُودُه مُتَعَذّر. (١٣٥).
أعربَ الزمخشريّ كلِمة "وَمِنْ ذُرِّيّتي " من الآية الكريمة: (قَالَ إِنّىِ جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إمَاماً، قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِى..) وهو معطُوفةً على الكاف من "جاعِلُك" كأنه قال: جاعلٌ بَعْضَ ذُرِّيّتي..
وقد ردّ ابن أبي الربيع هذا التوجيه بمقتضى الصِّناعة الإِعرابية، والقاعدة النحوية، فقال:
(.. وذهبَ بعضُ المتأخّرِين إلى أنّه، أيْ (وَمِنْ ذُرِّيتي..) مَعْطُوفٌ على الكافِ مِن (جاعِلُكَ) ٣. ولَيْسَ هذا بالبيّنَ؛ إذْ لو كانَ (وَمِنْ ذُرِّيَّتي) منصوباً لكانَ وَذُرِّيّتي، لأن الكاف مفعولُهُ فهو يصلُ إليها بنفسه، (وَمِنْ ذُرِّيَّتي) مجرور فكيف يُعطفُ المجرورُ على المنصوب. (٢٥٦).
أعرب الزمخشريّ (ومَنْ كَفَر) معطوفة على (مَنْ آمن) في قوله تعالى: (وَإذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبّ اجْعَلْ هَذَا بَلَداً آمِناً وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُم بِاللَّهِ وَالْيَوْم الآَخِرِ، قَال وَمَن كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً..) ٤.

١ سورة البقرة آية: ٣٠.
٢ ينظر الكشاف ١/٢٧١.
٣ المصدر نفسه ٣٠٩.
٤ سورة البقرة آية: ١٢٦.


الصفحة التالية
Icon