ومما خرج فيه ابن أبي الربيع القراءة السبعية على خلاف القياس والقراءة غير السبعية على مقتضى القياس كلمة (مَثُّوبة) من قوله عز وجل: (وَلَوْ أَنَّهمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ منْ عِندِ الله خَيْرٌ لوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ) ١، قال في بيان القياس في (مَثوبةٌ)
(.. يقالُ مثوبة، ومعناهُ الثَّواب، وكان القياسُ في مثوبة مثابة، ولم يقرأ به في السّبع، وقُرِىء في غيرِ السّبع، لأنَّ الفعل معتل فينبغي أن يكون المصدرُ كذلِكَ، مثل المنابة والمقامة والمقالة والمثابة، لكنّهُ جاء مصححاً على الأصل كما جاء القُصْوَى والقَود. (٢٦١-٢٦٢).
وتارة يوجّه المعنى وَفْق القراءة الواردة في الآية، كقوله في كلمة (تسأل) من الآية الكريمة (إِنّا أرْسَلْنَاكَ بالحق بَشِيراً وَنَذِيراً وَلاَ تُسْألُ عَنْ أَصْحَابِ الجحيم) ٢.
قُرِىء (تسْأل) بالجزم، ولا نَهْيٌ، وقُرىء (ولا تسألُ) بالرَّفعِ وبناء الفعل للمفعول.
فمنْ قرأَهُ بالرفع عطفةُ على (بشيراً) والمعنى: إنَّا أرْسلناك مبشراً ونذيراً وغيرَ سائل عن أصحاب الجحيم، أيْ مَنْ كَفَرَ لا تسأل عن كفره.
ومَنْ قرأ "ولا تسألْ " بالجزم، ففيه تعظيم الجهة، أي: لا تسأل عن هؤلاء، أي إنَّ أمْرَهُم أكبر من ذلك. (٢٨٣).
وتارة يخرج القراءة على قاعدة الاتساع، كقوله في توجيه قراءة الضم في (وُقُودها) من الآية الكريمة: (فَإِن لَّمْ تَفْعَلُوا وَلَن تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ التي وَقُودُهَا الناس والحجارة..). ٣
(.. وقرأ جماعة في الشاذ: (وُقُودُها) بضم الواو، والوُقود بضم الواو المصدر فالإخبار عنه بالنَّاس والحجارة فيه اتساع مِنْ وَجْهَين:

١سورة البقرة آية: ١٠٣.
٢سورة البقرة آية: ١١٩.
٣سورة البقرة الآية: ٢٤.


الصفحة التالية
Icon