مخفوضِ لَدى كما ذَكَرْتُ لَكَ، فقولك: والّذينَ مَنْ قبلكم، والّذين ومَنْ معناهما واحد، فكأنّ مَنْ بدلْ من الذين، وكلاهما تطلبان الصّلة، فأتوا بالصّلةِ لِمَنْ فدَلّت على صِلَةِ الذين.. (٩٢).
واحتجّ لِحمْلِ المضُارِع على الماضي في قوله تعالى: (فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنبيَاءَ الله مِن قَبْلُ) ١فقال:
(وتقتلون وُضِعَ موضعَ قَتَلْتُم والمضارعُ يُوضَعُ موضِعَ الماضي إذا كان معنا ما يدُلُّ على ذلك، قال امرؤ القيس:

لَعمري لَقَوْمٌ قَدْ نَرى الأمْسَ فيهُمُ مَرابط للأمْهَارِ والعَكَرِ الدَّثرُ ٢.
فقوله: الأمْسِ يَدُلُّ على أن نَرى في معنى رأينا، وكذلك "مِنْ قَبْلُ " في الآية يَدُلَّ على أنَّهُ ماض.
واحتجَّ لترجيح الاستعارة على التّشبيه في الآية الكريمة: (صُمٌّ بُكْمٌ عُمْىٌ فَهُمْ لاَ يَرْ جِعُونَ..) ٣فقال:
والأنسب الاسْتِعارَةُ، وَإِنَّما تُسمىَّ الاستعارةُ إذا لم يُترك المشبه وطوى ذكْرُهُ، كما قال:
لدى أسدٍ شاكي السّلاحِ مقذفٍ.....................
وعرض للإلتفات في الآية الكريمة: (إيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ).
وبين صُورَهُ التي يأتي عليها واحتج لكل منها واصفاً ذلك بما له من الفصاحة وحسن البيان فقال:
وفي هذا الخروجُ من الغيبة إلى الخطاب، ولو جرى على أوّلِ الكلام لكان إيَّاهُ.
١سورة البقرة آية: ٩١.
٢ البيت في ديوانه: ١١٢، والعَكَرُ جمع عكرة، والمراد القطيع من الإبل، الدّثر: الكثير من الإبل وغيرها من أصناف المال..
٣سورة البقرة آية: ١٨.


الصفحة التالية
Icon