الجزم جائز في جواب الجملة إذا لم تكُنْ خبراً، فإن كانت خبراً منفيًّا أو موجباً لم تجزم وبقَيَ الفعلُ مرفوعاً. وإذا كان جواباً للنهي فلا يكون مجزوماً حتّى يكونَ جواباً لعدم النقل. فإن كان جواباً للواجب لم يجزم، فتقول: لا تدن من الأسَدِ تَسْلَمْ، لأن السّلامة مُسَبّبةٌ عن عدم الدنو ولا تقول: لا تدنُ من الأسَدِ يأكُلْك. والرفعُ في هذا كله هو كلام العرب.
وقوله صلى الله عليه وسلم: "لاَ تَرْجِعُوا بعدي كفاراً يضرِّبْ بعضكم رِقاب بعض " ١ إدْغَامٌ وليس بجزم بمنزلة: (وَيَجْعَل لَّكَ قُصُورَا) ٢ في قراءة أبي عمرو في الإِدغام الكبير.. وفي هذين الفصلين خالف الكوفيون، فأجازوا الجزم، والصحيح ما ذكرته لك. (١٥٣).
والذي صححه هنا أهو قول البصريين في المسألة، وقد نبه عليه في كتابه الملخص (١/١٥٦-١٥٧)، وذكره غيره من النحويين.
وقد سبق القول في متعلق الجار والمجرور في بسم حيث ظهر ميله إلى مذهب البصريين فيه، وكذلك القول في اشتقاق الاسم، إذ يظهر من مناقشته للمذهبين توجيه قول البصريين في مقابل توهين قول الكوفيين ٣٠ (١٥٣).
٢سورة الفرقان آية: ١٠، وينظر القراءة المعزوة لأبى عمرو في كتاب السبعة ٤٦٢.
٣ينظر ص ٣٤٦، ٣٧١.
المبحث الثاني عشر
مصادر ابن أبي الربيع في تفسير الكتاب العزيز وإعرابه
يعد هذا الكتاب خاتمة أعمال ابن أبي الربيع العلمية في الدرس والمراجعة والتّصنيف، ونتيجة نشاطه في هذا الميدان وخلاصة ما انتهى إليه، ولذا جاءت مصادره مُتعدّدة، وفي فنون مختلفة، منها ما صرح بذكره وهو القليلُ، ومنها ما طوى ذكره واكتفى بالإحالة المسندة إلى مؤلفه تارة، وبالِإحالة غير المسندة تارةً أخرى، وأغلب الإِحالات