وفي "إياك" قراءات، منها:
هيّاك أبدَلَ من الهمزة هاءٌ ١.
ومنها: أيَاك بفتح الهمزة ٢.
ومنها: إيَاك، بكسر الهمزة والتّخفيف ٣؛ وهذه كلُّها لم يُقرَأ بها في السّبع.
ومعنى نَعْبُدُ: نَتَذَلّلُ، يُقالُ طَرِيْقُ مُعَبَّدة إذا كان يسار عَلَيْها كثيراً، والمعنى: مُذَلّلٌ ثم قالَ جلَّ ذكْرُهُ: (وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينَ).
معنى نستعين نَطْلُبُ العَوْنَ على عبادَتِك، وقُدِّمت العبادةُ على الاسْتِعَانة، ِلأنّ الاسْتِعَانَةَ يُتَوَسَّلُ بها إلى العبادة فَهِيَ أَوْلَى بالتّقديم، وَكُلَّ فِعْلٍ مُضارِعٍ أَوَّلَ ماضِيه أَلفِ وَصْلٍ لَك أَنْ تكْسِرَ حرفَ المضارع منه عَدَى الياء فإنها لا تُكسرُ، فتقولُ: أنا إِنطَلِق، وأَنْتَ تِنْطَلِق، وَنحنُ ننْطَلِق، وَلاَ تَقولُ هذا في الياء، وكذلِكَ كلّ فعلُ مُضَارِعٍ ماضيه على فَعل لك أن تكسر أَوّلَ المضارع منه عدا الياء، وبيان علة ذلك في العربية ٤.
(ونَسْتَعِين) : اعتل لأِن ماضيه قد اعتل بالحمل على الثلاثي، وأصله، "نَسْتَعْوِن" ثم أعل بنقل حركة العين إلى الفاء وانقلبت الواو للكسرة التي قبلها، وهذا الاعتلال مُطّردٌ قياسيٌّ في هذا النّوع وما جرى مجراه، فإنْ جاء صحيحاً فعلى غير قياس، نحو: اسْتنوقْ الجمل، واسْتَسْيَسَت الشّاة، فهذا يحفظ ولا يقاس عليه، وسيأتي الكلام في مصدر نستعين وفي اعتِلاله وفي المحذوف بعد إن شاء الله.

١القراءة لأبى الثوار الغتوى كما في المحتسب ٣٩/١، ومختصر شواذ القراءات: ا، والمحرر الوجيز ١١٧/١.
٢قرأ بها الفضل بن زياد الرقاشي. المصادر السابقة.
٣هذه القراءة تعزى لعمرو بن فائد في المحتسب ١/ ٤٠، ومختصر شواذ القراءات: ا.
٤ العلة في ذلك هي ثقل الابتداء بالياء مكسورة في الفعل المضارع، ومع هذا فقد أورده سيبويه على أنّها لغة، قالوا في حبّ: يحبًّ، حق علم يعلمُ وأكثر ما جاء هذا في المثال الواوي الذي ماضيه على فعِل بكسر العين، نحو: وجع يجع، ووجع يجع، ومنه قول متم بن نويره:
قعيدك ألا تسمعيني ملامة ولا تنكىء جرح الفوءاد فَييجعا
ينظر الكتاب ٤/ ٠٩ا-١٢٠، والمصنف ١/ ٢٠٥ ط ٢٠، وشرح عيون سيبويه ٢٦٢.


الصفحة التالية
Icon