قال تعالى: (يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفونَ أَبْنَاءَهُمْ، وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنْهُمْ/ لَيَكْتُمُونَ ألْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُون) ١..
والضالُون: هُمُ النّصارى، لأِنّهم ضَلُّوا بنظَرِهِم الفاسد، قال تعالى: (لا تَغْلُوا في دينِكُمْ غَيْرَ الحق وَلاَ تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضًلُّوا مِن قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيراً وَضَلًّوا عَن سَوَآءِ السَّبِيلِ) ٢.
لأِنّ عِيْسى عليه السّلام حيِنَ تكَلّمَ أخَذَوا في الكَلام فيه، فَمِنْهُمْ مَنْ قالَ: هُوَ ابن الله، وَمِنْهم مَنْ قالَ هُوَ الله، وهذا كَلُّهُ فسادٌ في النَّظَرِ- وَالله أعلم- وهو عبد مكرمُ من عبيد الله المكرمين.
وفي (الضالين) ضَمِيرٌ يَعوُدُ على الألفِ وَاللام عَلى مَنْ جَعَلها اسماً، وَمن لم يَجْعَلْهَا اسْماً أعَادَ الضميرَ عَلى الّذيْنَ المَفْهُومِ مِن و (لا الضَّالِيْن) على حَسْبما تَقَدَّمَ في (المغْضُوبِ عَلَيْهِم).
وُيقال: ضَلَلْتُ وَضَلِلْتُ بفتح اللام وكسرها، والفتح أفصحُ وبه جاء القرآن.
وَقُرِىءَ في الشّاذِّ و (لاَ الضّألِينَ) ٣ بَفتح الهمزة، لأِنَّهم كَرِهُوا التِقاء الساكنين. وَحُكِي: دَأبّه وشَأبّه ٤على هذا.
وَقرأَ ابن كثير: (عَلَيْهُم)، و"بهُم "، و"لهُم "، و"إليْهُم "، و"لديهُمْ " وما أشبه ذلك بضمير الجمع مخاطباً كان أو غائباً بضَم الهاء والكاف موصولة ٥ بالواو. ما لَم يكُنْ قبل الهاء ياء أو كسرة، فإن كان قبل الهاء ياء ساكنة أو كسرة، كسر الهاء اتباعاً لما قبلها وإبقاء الميم على أصْلِها ولم يتبعها الهاءَ، لأنْ كسرةَ الهاءِ عارضةٌ.
٢ سورة المائدة آية: ٧٧.
٣ قرأ بها أبو أيوب السجّستانى كما في المحتسب ٣٧/٣٩، والمحرر الوجيز١/١٢٦ وإعراب القراءات لابن خالويه ق ٣٨، وإعراب القراءات الشواذ للعكبرى ق ٧.
٤ ينظر المحتسب ٤٧/١، والخصائص ٣/ ٤٥، والمحرر الوجيز ١٣٢/١.
٥ ينظر السبعة في القراءات ١٠٨، والحجة لأبى على الفارسي ٣٧/١، والتذكرة في القراءات ١/ ٨٥.