وإذا سُكّنت الميم ولقيهَا ساكنٌ من كلمة أُخْرى وَالهاء قبلها مكسورة، فقرأ أبو عمرو بكسر الميم، نحو: (عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ) ١، (وَقِهِمُ السَّيِّئَاتِ)، ٢.
وقَرأَ حمزةُ والكسائي بضم الهاء والميم ة ضَمَّا الميمَ ٣، لأنَّ الضمَّ فيها هو الأصلُ فلمّا اضطرَّا ٤إلى التّحريكِ حَرَّكا ٥ بحركَةِ الأصْلِ واتْبَعا ٦ الهاء الميم.
وقرأَ الباقون بكسر الهاء وَضَمّ الميم ٧، نحو: عَلَيْهِمُ الّذّلَّةُ، حَرّكوا الميم عند الاضْطِرارِ إلى التّحرِيْكِ بحركة الأصْلِ، ولم يُتْبِعوا الهاءَ الميمَ، لأنَّ الحركة في الميم، عَرضتْ لالتقاء السَّاكنين فلا يُعْتدُّ بها.
وهذا كلّهُ جائزٌ إذا كان قَبلَ الهاءِ ياءٌ سَاكِنةٌ أوْ كَسْرَةٌ وَإِذا كانَ قَبْلَ الْهاءِ غَيرُ ما ذَكَرْتهُ فَلابُدَّ مِنَ ضَمِّ الْهَاءِ واْلميم، نحو: (جَآءتهم البينات) ٨ و (لَهُمُ الدَّرَجَاتُ) ٩ (وَمِنْهُمُ الذين يُؤْذُونَ النبي) ١٠ لا خِلاَفَ في هَذا. وكَأَنَّ قِرَاءَةُ أبي عمرو- والله أعلمُ- مِمّنْ يَقُولُ: (عَلَيْهُمُ) إذا لَمْ يَكُنْ بَعْدَهَا سَاكنٌ. وَقَدْ تَكُونُ قراءةُ أَبي عَمرو مِمَّنْ سَكّن الميمَ مِن "هُم" فَلَمَّا اضطّرَّ إلى التحرِيْكَ حَرَّكَ اتْباعاً لِلْهاءِ، وَكانَ هذا أَنْسَب؛
لأَنّهُ لم يُنْقلْ عَنهُ عليهم إذا لم يكن بَعدَهُ سَاكِنٌ.
وَأماَّ قِرَاءَةُ حَمْزَةَ: (عَلَيْهُم) وَ"إِلَيْهُم" وَ"لَدَيْهُم " بضَمِّ الْهَاءِ هذه الثّلاثةَ خاصّةً، فَوَجْهُ ذلِكَ أنَّ الَأصْلَ هِي الأَلِفُ على وَلَدَى وَإلى، والانقلاب إنَّما دَخلَ عند الضّمير، فالانقِلابُ عَارِضٌ فَلَمْ يُعْتَدّ بهِ وَتَرْكُهَا مَضْمُومَةٌ كَما كَانَتْ تكون مع الألِفِ.
٢سورة غافر آية: ٩.
٣في الأصل: ضموا.
٤ في الأصل: اضطروا.
٦، ٥ في الأصل: حركوا واتبعوا.
٧ينظر الحجة لابن زنجلة ٨٢، والتذكرة في القراءات ٨٧/١.
٨سورة البقرة آية: ٢١٣.
٩ سورة طه آية: ٧٥
١٠ سورة التوبة آية: ٦١