قلت: (قائماً) : حال مِن (الله)، وإنما جاز من بعض المعطوفات لعدم اللبس، كقوله: وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ نافِلَةً... ، ولا يجوز: جاء زيد وعمرو راكباً لعدم القرينة، أو مِن (هو)، والعامل الجملة لأنه حال مؤكدة، أي: تفرد قائماً، أو حقه قائماً، (بالقسط) أي: العدل، و (إن الدين) : جملة مستأنفة مؤكدة للأولى، أي: لا دين مرضى عند الله سوى الإقرار بالشهادة والدخول فيما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم، ومن قرأ بالفتح فهو بدل من (أنه)، بدل الكل، إن فسر الإسلام بالإيمان، وبدل الاشتمال إن فسر بالشريعة.
يقول الحق جلّ جلاله: شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لاَ إِلهَ إِلَّا هُوَ أي: بيَّن وحدانيتَه بنصب الدلائل الدالة عليها، وإنزال الآيات الناطقة بها، أو بتدبيره العجيب وصنعته المتقنة وأموره المحكمة، وفي ذلك يقول القائل:
يَا عَجَباً كيف يُعْصَى الإلهُ | أم كيف يَجْحَدُه الجاحدُ؟! |
وللهِ في كل تحريكةٍ | وتسكينةٍ أبداً شاهدُ |
وفي كُلِّ شَيءٍ له آيةٌ | تَدُلُّ على أنَّه واحِدُ «١» |
وعن جابر قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ساعة من عالم يتّكىء على فِرَاشِهِ، ينظُرُ في علمهِ، خَيرٌ مِنْ عِبَادَة العَابِد سَبعينَ عاماً». وعن معاذ قالَ: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «تعلموا العلم فإن تعلمه لله خشيةٌ، ومدارستَه تسبيحٌ، والبحث فيه جهادٌ، وتعليمه مَنْ لا يعلمه صدقةٌ، وتذكُّره في أهله قُرْبَة». ثم قال في آخر الحديث في فضل أهل العلم: «وتَرْغَبُ الملائكة في خُلتِهم، وبأجنحتها تمسحُهم، وفي صلاتها تستغفر لهم، وكلُّ رطب ويابس يستغفر لهم. حتى حيتان البحر وهوامه، وسباع الأرضين وأنعامها، والسماء ونجومها، ألا وإن العلم حياةُ القلوب من العمى، ونورُ الأبصار من الظلم، وقوة الأبدان من الضعف، يبلغ بالعبد منزل الأحرار ومجالسة الملوك، والفكر فيه يُعْدل بالصيام، ومدارسته بالقيام، وبه يُعرف الحلال والحرام، وبه تُوصلَ الأرحام، العلم إمام والعمل تابعه، يُلْهَمُه السعداء، ويحرمه الأشقياء».