ولم يقربها، فقالت له: هل استخرت ربك؟ فقال: نعم، فقالت: أتَتَّهمُ ربك، فدخل بها، فحملت بالإمام مالك صاحب المذهب. وقال صلى الله عليه وسلم: «لا يَفْرك مؤمنٌ مَؤمنة- أي لا يُبْغِضها- إن سخط منها خُلقَا رضي منها آخر». قال الورتجبي: قيل: غيب عنك العواقب لئلا تسكن إلى مألوف، ولا تفر من مكروه.
الإشارة: إذا طهرت النفس من البقايا، وكملت فيها المزايا، وانقادت بكليتها إلى مولاها، وجب الإحسان إليها والصلح معها ومعاشرتها بالمعروف، فإنما تجب مجاهدتها ما دامت كافرة فإذا أسلمت وانقادت وجب محبتها والإحسان إليها. فإن كرهتها في حال اعوجاجها فجاهدتها ورضتها حتى استقامت كان في عاقبة ذلك خيرٌ كثير، وعادت تأتي إليك بالعلوم اللدنية تشاهد فيها أسرارًا ربانية.
قال الورتجبي: كل أمر من الله- سبحانه- جاء على مخالفة النفس امتحانًا واختبارًا، والنفس كارهة في العبودية فإذا ألزمت عليها حقوق الله بنعت الرياضة والمجاهدة واستقامت في عبودية الله، أول ما يطلع على قلبك أنوار جنان القرب والمشاهدة، قال الله تعالى: وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى، فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوى، وفى أجواف ظلام المجاهدة للعارفين شموس المجاهدات وأقمار المكاشفات. هـ. المراد منه.
فإذا لم يصبر العبد على أذى زوجته، وأراد فراقها، فلا بد أن يؤدى إليها صداقها، كما أشار إلى ذلك الحق جل جلاله، فقال:
[سورة النساء (٤) : الآيات ٢٠ الى ٢١]
وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدالَ زَوْجٍ مَكانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْداهُنَّ قِنْطاراً فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئاً أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً (٢٠) وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضى بَعْضُكُمْ إِلى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً (٢١)
قلت: «بهتانًا» : حال، أو على إسقاط الخافض.
يقول الحق جلّ جلاله: وَإِنْ أَرَدْتُمُ أن تبدلوا زوجًا مَكانَ زَوْجٍ أخرى بأن تُطلقوا الأولى وتتزوجوا غيرها، وقد كنتم أعطيتم إِحْداهُنَّ قِنْطاراً أو أقل أو أكثر، فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئاً بل أدوه لها كاملاً. ثم وبَّخهم على ما كانوا يفعلون في الجاهلية، فقال: أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً، أي: مباهتين وآثمين، أو بالبهتان والإثم الظاهر، والبهتان: الكذب الذي يبهت المكذوب عليه، رُوي أن الرجل كان إذا أراد أن يتزوج امرأة