وقال قبل ذلك:
همُ الْقَصْدُ للملهوفِ والكنزُ والرجَا | وَمِنهُمْ يَنَالُ الصَّبُّ مَا هُوَ طامعُ |
بهِم يَهْتَدي للعينِ مَن ضَلَّ فِي العَمَى | بهِم يُجذَبُ العُشَّاقُ، والرَّبْعُ شاسعُ |
هُمُ القَصْدُ والمطلوبُ والسؤلُ والمنَى | واسْمُهُم لِلصَّبِّ فِي الحبِّ شَافعُ |
فقد جعلت أرض نفوسكم مهادا لعلوم الشريعة، وسماء قلوبكم سقفاً لأسرار الحقيقة، وأنزلت من سماء الملكوت ماء غيبياً تحيا به أرض النفوس، وتهتز بواردات حضرة القدوس، فتخرج من ثمرات العلوم اللدنية، والأسرار الربانية، والأحوال المرضية، ما تتقوت به عائلة المستمعين، وتنتعش به أسرار السائرين، فلا تشهدوا معي غيري، ولا تميلوا لغير إحساني وبري، فقد علمتم أني منفرد بالوجود، ومختص بالكرم والجود، فكيف يرجى غيري وأنا ما قطعت الإحسان؟! وكيف يلتفت إلى ما سواي وأنا بذلت عادة الأمتنان؟! مني كان الإيجاد، وعليَّ دوام الإمداد، فثقوا بي كفيلاً، واتخذوني وكيلاً، أعطكم عطاء جزيلاً، وأمنحكم فخراً جليلاً.
ولما أمر عباده بعبادته وتوحيده، أمرهم بتصديق كلامه والإيمان برسوله، فقال:
[سورة البقرة (٢) : الآيات ٢٣ الى ٢٥]
وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَداءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٢٣) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ (٢٤) وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ كُلَّما رُزِقُوا مِنْها مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقاً قالُوا هذَا الَّذِي رُزِقْنا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشابِهاً وَلَهُمْ فِيها أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيها خالِدُونَ (٢٥)