قلت: (رُطَباً) : تمييز، فيمن أثبت التاءين «١»، أو حذف إحداهما، ومفعول به، فيمن قرأ بتاء واحدة مع كسر القاف.
يقول الحق جلّ جلاله: فَحَمَلَتْهُ بأن نفخ جبريل في درعها، فدخلت النفخة في جوفها. قيل: أن جبريل عليه السلام رفع درعها فنفخ في جيبه، وقيل: نفخ عن بُعد، فوصل الريح إليها فحملت في الحال، وقيل: إن النفخة كانت في فيها، وكانت مدة حملها سبعة أشهر، وقيل: ثمانية. ولم يعش ولد من ثمانية. وفي ابن عطية:
تظاهرت الروايات أنها ولدت لثمانية أشهر، ولذلك لا يعيش ابن ثمانية أشهر حفظًا لخاصية عيسى، فتكون معجزة له. هـ. وقيل: تسعة أشهر. وقيل: ثلاث ساعات، حملته في ساعة، وصُور في ساعة، ووضعته في ساعة حين زالت الشمس. وقيل: ساعة، ما هو إلا أن حملت فوضعت، وسنها حينئذ ثلاث عشرة سنة، وقيل: عشر سنين، وقد حاضت حيضتين.
فَانْتَبَذَتْ بِهِ أي: فاعتزلت ملتبسة به حين أحست بقرب وضعها، مَكاناً قَصِيًّا: بعيدًا من أهلها وراء الجبل، وقيل: أقصى الدار. فَأَجاءَهَا الْمَخاضُ فألجأها المخاض. وقرئ بكسر الميم. وكلاهما مصدر، مَحَضتِ المرأة: إذا تحرك الولد في بطنها للخروج، إِلى جِذْعِ النَّخْلَةِ لتستتر به، أو لتعتمد عليه عند الولادة، وهو ما بين العِرق والغصن. وكانت نخلة يابسة، لا رأس لها ولا قعدة، قد جيىء بها لبناء بيت، وكان الوقت شتاء، والتعريف في النخلة إما للجنس أو للعهد، إذ لم يكن ثَمَّ غيرها، ولعله تعالى ألهمها ذلك ليريها من آياتها ما يسكن روعتها، وليطعمها الرطب، الذي هو من طعام النفساء الموافق لها.
قالَتْ حين أخذها وجع الطلق: يا لَيْتَنِي مِتُّ «٢» بكسر الميم، من مات يُمَاتُ، وبالضم، من مات

(١) فى قوله تعالى: (تُساقِطْ).
(٢) قرأ نافع وحفص وحمزة والكسائي وخلف: «مت» بكسر الميم، والباقون بالضم.


الصفحة التالية
Icon