أنْفِهِ بُرَةٌ مِنْ ذَهَب «١»
». وأن عمر رضى الله عنه- أهدى نجيبة طُلبت منه بثلاثمائة دينار «٢»
. وقيل: شعائر الله: مواضع الحج، كعرفة ومنى والمزدلفة. وتعظيمها: إجلالها وتوقيرها، والتقصد إليها. وقيل: الشعائر: أمور الدين على الإطلاق، وتعظيمها: القيام بها ومراعاة آدابها، فَإِنَّها أي: فإن تعظيمها مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ أي: من أفعال ذوي تقوى القلوب، فحذفت هذه المضافات. أو فإن تعظيمها ناشىء من تقوى القلوب لأنها مراكز التقوى.
لَكُمْ فِيها مَنافِعُ من الركوب عند الحاجة، ولبنها عند الضرورة، إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى إلى أن تُنحر. ومن قال: شعائر الله: مواضع الحج، فالمنافع: التجارة فيها والأجر، والأجل المسمى: الرجوع إلى مكة لطواف الإفاضة.
ثُمَّ مَحِلُّها منتهية إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ، قال ابن جزي: من قال: إن الشعائر الهدايا، فمحلها موضع نحرها، وهي مِنى ومكة. وخصّ البيت بالذكر لأنه أشرف الحرم، وهو المقصود بالهدي. و «ثم»، على هذا، ليست للترتيب في الزمان لأن محلها قبل نحرها، وإنما هي لترتيب الجمل. ومن قال: إن الشعائر مواضع الحج، فمحلها مأخوذ من إحلال المحرم، أي: آخر ذلك كله: الطواف بالبيت، أي: طواف الإفاضة إذ به يحل المحرم. هـ. أي:
محل شعائر الحج كلها تنتهي إلى الطواف بالبيت، طواف الإفاضة. ومثله في الموطأ.
وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جماعة مؤمنة قبلكم، جَعَلْنا مَنْسَكاً أي: مُتَعبدًا وقربانًا يتقربون به إلى الله- عزَّ وجَلَّ- والمنسك- بالفتح: مصدر، وبالكسر: اسم موضع النُسك، أي: لكلٍّ جعلنا عبادة يتعبدون بها، أو موضع قربان، يذبحون فيه مناسكهم، لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ دون غيره، عَلى ما رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعامِ أي: عند نحرها وذبحها، فَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ أي: اذكروا على الذبائح اسم الله وحده فإن إلهكم إله واحد، فَلَهُ أَسْلِمُوا أي:
فإذا كان إلهكم إلهًا واحدًا فأخلصوا له التقرب، أو الذكر خاصة، واجعلوه له سالمًا، لا تشوبوه بإشراك.
وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ المطمئنين بذكر الله، أو المتواضعين، أو المخلصين، فإن الإخبات من الوظائف الخاصة بهم.
والخَبْتُ: المطمئن من الأرض. وعن ابن عباس رضى الله عنه: هم الذين لا يظلمون، وإذا ظلموا لم ينتصروا. وقيل:
تفسيره ما بعده، وهو قوله: الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ: خافت منه هيبة لإشراق أشعة جلاله عليها. وَالصَّابِرِينَ عَلى ما أَصابَهُمْ من مشاق التكاليف ومصائب الزمان والنوائب، وَالْمُقِيمِي الصَّلاةِ في أوقاتها، وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ في وجوه الخيرات.

(١) البرة- بضم الموحدة-: الحلقة تجعل فى أنف الجمل، وكانوا يتخذونها من نحاس أو غيره، انظر اللسان (برى ١/ ٢٧٢)، والحديث: أخرجه البيهقي فى دلائل النبوة (باب عدد حجات النبي ﷺ ٥/ ٤٥٤) عن جابر رضى الله عنه. وفيه: «من فضة»، بدلا من ذهب».
(٢) أخرجه أبو داود فى (المناسك، باب تبديل الهدى) عن سالم عن أبيه.


الصفحة التالية
Icon