ثم أمر بجهاد من صدهم وعاقهم عن سبيل الله، فقال:
[سورة الحج (٢٢) : الآيات ٣٩ الى ٤١]
أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (٣٩) الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلاَّ أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَواتٌ وَمَساجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (٤٠) الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ (٤١)
قلت: (إلا أن يقولوا)، قيل: منقطع. وقال الزمخشري: في محل الجر، بدل من حق. هـ. وهو على طريق قول الشاعر:
لاَ عَيُبَ فِيِهمْ غَيْرَ أَنَّ سُيُوفَهُمْ | بِهِنَّ فُلُولٌ مِنْ قِراعِ الكَتَائِبِ |
. وهي أول آية نزلت في الجهاد، بعد ما نهى عنه في نيف وسبعين آية.
وَإِنَّ اللَّهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ. وعدٌ لهم بالنصر، وتأكيد لِما مرّ من العِدَة الكريمة بالدفع، وتصريح بأن المراد ليس مجرد تخليصهم من يد المشركين، بل بغلبتهم وإظهارهم عليهم. وتأكيده بكلمة التحقيق. واللام لمزيد تحقيق مضمونه، وزيادة توطين نفوس المؤمنين.
ثم وصف الذين أَذن لهم، أو فسرهم، أو مدحهم بقوله: الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ، يعني مكة: بِغَيْرِ حَقٍّ بغير ما يوجب إخراجهم إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ أي: بغير موجب سوى التوحيد، الذي ينبغي أن يكون موجبًا للإقرار لا للإخراج. ومثله: هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِاللَّهِ «٢».
وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ: لولا أن يدفع الله الناس بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ بتسليط المؤمنين على الكافرين في كل عصر وزمان، وإقامة الحدود وكف الظالم، لَهُدِّمَتْ أي: لخربت باستيلاء الكفرة على الملل، صَوامِعُ:
(٢) من الآية ٥٩ من سورة المائدة.