وهذا معنى قوله: أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ، وهي الجساسة، طولها ستون ذراعاً، لا يدركها طالبٌ، ولا يفوتها هاربٌ، لها أربع قوائم، وزغب، وريش، وجناحان «١». وقيل: لها رأس ثور، وعين خنزير، وأذن فيل، وقرن أيّل، وعنق نعامة، وصدر أسد، ولون نمر، وخاصرة هرّة، وذنب كبش، وخف بعير، وما بين المفصلين اثنا عشر ذراعاً، تخرج من الصفا فتكلّمهم بالعربية، فتقول: أَنَّ النَّاسَ كانُوا بِآياتِنا لا يُوقِنُونَ أي: بخروجي لأن خروجها من الآيات، وتقول: ألا لَّعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ.
وفي حديث حذيفة رضي الله عنه: «تأتي الدابة المؤمن، فتُسلم عليه، وتأتي الكافر فتخطه- أي تسمه- في وجهه».
وعن أبى هريرة رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال: «تَخْرُجُ الدَّابةُ مَعها خاتمُ سُليمانَ، وعَصا مُوسى، فتجلوا وَجْهَ المُؤمِن، وَتَخْتُم أنْفَ الكافر بالخاتم، حتّى أَنَّ أَهْلَ الحِواء «٢» مجْتَمِعُون، فيقول: هاها يا مُؤمْن، ويقول: هاها يا كافِرُ» «٣».
وهي بعد نزول عيسى وطلوع الشمس من مغربها. والله تعالى أعلم.
الإشارة: وإذا وقع القول على قوم بإسدال الحجاب، وإدامة غلق الباب، أخرج لهم جاهل بالله، يكلمهم بادعاء التربية، فيأخذون عنه، ويقتدون به. قال في المباحث:
واعلم بأن عُصْبَةَ الجُهَّالِ | بَهَائِمٌ في صور الرجال |
ثم ذكر قيام الساعة، بعد ذكر بعض أشراطها، فقال:
[سورة النمل (٢٧) : الآيات ٨٣ الى ٨٦]
وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآياتِنا فَهُمْ يُوزَعُونَ (٨٣) حَتَّى إِذا جاؤُ قالَ أَكَذَّبْتُمْ بِآياتِي وَلَمْ تُحِيطُوا بِها عِلْماً أَمَّا ذا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٨٤) وَوَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ بِما ظَلَمُوا فَهُمْ لا يَنْطِقُونَ (٨٥) أَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا اللَّيْلَ لِيَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهارَ مُبْصِراً إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (٨٦)
(٢) الحواء: جماعة بيوت الناس إذا تدانت، والجمع: أحوية. انظر اللسان (٢/ ١٠٦٣، مادة: حوا).
(٣) أخرجه الإمام أحمد فى المسند (٢/ ٢٩٥) والترمذي وحسنه فى (التفسير، سورة النمل، ٥/ ٣١٨، ح ٣١٨٧) بلفظ [الخوان] بدل [الحواء]. وأخرجه ابن ماجة فى (الفتن، باب دابة الأرض ٢/ ١٣٥١ ح ٤٠٦٦). من حديث أبى هريرة رضي الله عنه.