تذلَّلْ لمَن تَهْوَى لِتَكْسِبَ عزة | فكم عزة قد نالَهَا المَرْءُ بِالذُّلِّ |
إِذَا كَانَ مَنْ تَهْوى عَزِيزاً، وَلَمْ تَكُنْ | ذَلِيلاً لَهُ، فَاقْرَ السَّلامَ على الْوَصْلِ |
أدَبُ الْعَبْدِ تَذَلُّلٌ | وَالْعَبْدُ لاَ يَدَعُ الأدَبْ |
فَإذَا تَكَامَلَ ذُلّهُ | نَالَ المودّة، واقترب. |
[سورة القصص (٢٨) : الآيات ٤٠ الى ٤٢]
فَأَخَذْناهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْناهُمْ فِي الْيَمِّ فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الظَّالِمِينَ (٤٠) وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيامَةِ لا يُنْصَرُونَ (٤١) وَأَتْبَعْناهُمْ فِي هذِهِ الدُّنْيا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيامَةِ هُمْ مِنَ الْمَقْبُوحِينَ (٤٢)
يقول الحق جلّ جلاله: فَأَخَذْناهُ فأخذنا فرعون وَجُنُودَهُ فَنَبَذْناهُمْ طرحناهم فِي الْيَمِّ في بحر القلزم، كما بيَّناه غير مرة. وفي الكلام فخامة تدل على عظمة شأن الأخذ، شبههم استحقاراً لحالهم، واستقلالاً لعددهم، وإن كانوا الجم الغفير بحصيات أخذهن آخذ بكفه، فطرحهن في البحر. فَانْظُرْ يا محمد كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الظَّالِمِينَ، وحذّر قومك أن يُصيبهم مثل ما أصابهم، فإنهم ظالمون، حيث كفروا وأشركوا، وتَحَقَّقُ أنك منصور عليهم، كما نُصِرَ موسى على فرعون.
وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً قادة يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ، أي: إلى عمل أهل النار من الكفر، والمعاصي، قال ابن عطاء: نزع عن أسرارهم التوفيق، وأنوار التحقيق، فهم في ظلمات أنفسهم، لا يدلون على سبيل الرشاد. وفيه دلالة على خلق أفعال العباد. هـ. وَيَوْمَ الْقِيامَةِ لا يُنْصَرُونَ بدفع العذاب عنهم، كما يتناصرون اليوم، في دفع الظلم عنهم، وَأَتْبَعْناهُمْ فِي هذِهِ الدُّنْيا لَعْنَةً ألزمناهم طرداً وإبعاداً عن الرحمة. وقيل: هو ما يلحقهم من لعن الناس إياهم بَعْدَهُمْ. وَيَوْمَ الْقِيامَةِ هُمْ مِنَ الْمَقْبُوحِينَ المطرودين المعذبين، أو المهلَكِين المشوهين بسواد الوجوه وزرقة العيون. ويَوْمَ: ظرف للمقبوحين. والله تعالى أعلم.
الإشارة: عَاقِبَةُ منْ تكبر في دار العبودية: الذل والهوان، وعاقبة من تواضع، وذَل فيها: العز والأمان، وعاقبة من كان إماماً في المساوئ والعيوب: البُعد والحجاب، ومن كان إماماً في محاسن الخلال وكشف الغيوب: