الإشارة: غض البصر عما تُكره رؤيته: من أسباب جمع القلب على الله وتربية الإيمان. وفي الحديث: «من غض بصره عن محارم الله، عوضه الله إيماناً يجد حلاوته في قلبه» «١». وفي إرسال البصر: مِنْ تشتيت القلب، وتفريق الهم، ما لا يخفى، وفي ذلك يقول الشاعر:
وإِنَّكَ، إِنْ أَرْسَلْتَ طَرْفَكَ رَائِداً | لِقَلْبِكَ، يَوْماً، أَتْعَبَتْكَ المُناظِرُ |
تَرَى، ما لاَ كٌلهُ أَنْتَ قَادِرٌ | عَلَيْهِ، وَلاَ عَنْ بَعْضِه أَنْتَ صَابِرُ |
وقوله تعالى: وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا ما ظَهَرَ مِنْها، قال بعضهم: لا يجوز كل ما يستدعي فِتْنَةً للغير من إظهار حال مع الله، مما هو زينة السريرة، فلا يظهر شيئاً من ذلك إلا لأهله، إلا إذا ظهر عليه شىء من غير إظهار منه، ولا قصدَ غير صالح. هـ. فلا يجوز إظهار العلوم التي يفتتن بها الناس من حقائق أسرار التوحيد، ولا من الأحوال التي تُنكرها الشريعة، فَيُوقِعُ النَّاسَ في غيبته. وأما قَضِيَّةُ لِصَّ الحَمَّامِ «٢» فحال غالبة لا يقتدى بها. والله تعالى أعلم.
ثم أمر بالتوبة لأن النظر لا يسلم منه أحد في الغالب، فقال:
وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ...
يقول الحق جلّ جلاله: وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ إذ لا يكاد يخلو أحدكم من تفريط، وَلاَ سيما في الكف عن الشهوات، وقيل: توبوا مما كنتم تفعلونه في الجاهلية، فإنه، وإن جُبّ بالإسلام، لكن يجب الندم عليه، والعزم على الكف عنه، كلما يُتَذَكَّرُ، ويَخْطِرُ بالبال. وفي تكرير الخطاب بقوله: أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ:
تأكيد للإيجاب، وإيذان بأن وصف الإيمان موجب للامتثال، حَتْماً. قيل: أحوج الناس إلى التوبة من توهم أنه ليس
(١) ورد «ما من مسلم ينظر إلى محاسن امرأة ثم يغض بصره إلا أحدث الله له عبادة يجد حلاوتها فى قلبه» أخرجه أحمد (٥/ ٢٦٤) عن أبى أمامة رضي الله عنه.
وأخرج الحاكم (٤/ ٣١٤) عن ابن مسعود مرفوعا: «النظرة سهم مسموم من سهام إبليس، من تركها من مخافتى أبدلته إيماناً يجد حلاوته في قلبه».
(٢) راجع قصة لص الحمّام عند التعليق على إشارة الآية ٢٦٧ من سورة البقرة. (١/ ٣٠١)
وأخرج الحاكم (٤/ ٣١٤) عن ابن مسعود مرفوعا: «النظرة سهم مسموم من سهام إبليس، من تركها من مخافتى أبدلته إيماناً يجد حلاوته في قلبه».
(٢) راجع قصة لص الحمّام عند التعليق على إشارة الآية ٢٦٧ من سورة البقرة. (١/ ٣٠١)