بالتبع جائزة. وأما بالاستقلال فمكروه، وهو من شعار الروافض. هـ. قال الكواشي: رُوي أنه قيل يا رسول الله: أرأيت قول الله تعالى: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ.. الآية؟ فقال: هذا من العلم المكنون، ولولا أنكم سألتموني عنه ما أخبرتكم، إن الله وكَل بي ملكين، فلا أُذكر عند عبدٍ مسلم، فيُصلي عليّ، إلا قال ذانك الملكان: غفر الله لك.
وقال الله وملائكته جواباً لذينك الملّكين: آمين. ولا أُذكر عند عبد مسلم، فلا يُصلي عليّ إلا قال ذانك الملكان:
لا غفر الله لك. وقال الله جوابا لذينك الملكين: آمين «١». هـ.
والصلاة على النبي ﷺ واجبة. فمنهم مَن أوجبها عند ذكره كلما ذكر، وعليه الجمهور، وهو الاحتياط للحديث المتقدم. ولقوله صلى الله عليه وسلم: «مَن ذُكرتُ عنده فلم يُصلِّ عليّ دَخَلَ النار». ومنهم مَن أوجبها في كل مجلس مرة، وإن تكرر ذكره، كتشميت العاطس وآية السجدة. ومنهم مَن أوجبها مرة في العمر. قالوا: وكذلك الخلاف في إظهار الشهادتين، وأما ذكرها في الصلاة فليست شرطاً عند أبي حنيفة ومالك، خلافاً للشافعي، والاحتياط: الإكثار منها بغير حصر، ولا يغفل عنها إلا مَن لا خير فيه. واختلف هل كانت الأمم الماضية متعبدة بالصلاة على أنبيائهم. قال القسطلاني: إنه لم ينقل إلينا ذلك، ولا يلزم من عدم النقل عدم الوقوع. هـ.
الإشارة: اعلم أن الصلاة عليه ﷺ سُلم ومعراج الوصول إلى الله لأن تكثير الصلاة عليه ﷺ توجب محبته، ومحبته- عليه الصلاة والسلام- توجب محبة الله تعالى، ومحبته تعالى للعبد تجذبه إلى حضرته، بواسطة وبغيرها. وأيضا: الرسول ﷺ وزير مقرب، ومَن رام دخول حضرة الملوك يخدم الوزير، ويتقرّب إليه، حتى يُدخله على الملِك. فهو ﷺ حجاب الله الأعظم، وبابه الأكرم، فمَن رام الدخول من غير بابه طُرِد وأُبعد، وفي ذلك يقول ابن وفا:

وأنتَ بابُ الله، أيُّ امرئ وفاه من غَيْرِكَ لاَ يدْخُلُ.
وقال الشيخ الجزولي رضي الله عنه في دلائل الخيرات: وهي من أهم المهمات لمَن يريد القرب من رب الأرباب.
وقال شارحه: ووجه أهميتها من وجوه، منها: ما فيها من التوسُّل إلى الله سبحانه بحبيبه ومصطفاه. وقد قال تعالى: وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ «٢»، ولا وسيلة إليه أقرب، ولا أعظم، من رسوله الأكرم صلى الله عليه وسلم.
(١) قال الهيثمي فى المجمع (٧/ ٩٣) : رواه الطبراني، وفيه الحكم بن عبد الله بن خطاف، وهو كذّاب.
(٢) من الآية ٣٥ من سورة المائدة.


الصفحة التالية
Icon