وانتقمنا منهم بأبلغ ما يكون، فو الله لَنِعْمَ المجيبون نحنُ، فحذف القسم لدلالة اللام عليه. وحذف المخصوص، والجمع دليل العظمة والكبرياء. وَنَجَّيْناهُ وَأَهْلَهُ ومَن آمن به وأولاده المؤمنين مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ، وهو غمّ الغرق، أو: إذاية قومه، وَجَعَلْنا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْباقِينَ، وقد فني غيرهم. قال قتادة: الناسُ كلهم من ذرية نوح، وكان لنوح عليه السلام ثلاثة أولاد: سام- وهو أبو العرب وفارس والروم، وحام- وهو أبو السودان، من المشرق إلى المغرب- ويافث- وهو أبو الترك ويأجوج ومأجوج «١». وقد نظمه بعضهم، فقال:
العرب والروم وفارس اعلمن | أولاد سام فيهم الخير كَمَن |
من نسل حام نشا السودان | شرقاً وغرباً، ذا له برهان |
يأجوج مأجوج مع الصقالبة | ليافث، لا خير فيهم قاطبه. |
ذكر في كتاب حياة الحيوان، عن القشيري: أن العقرب والحية أتيا نوحاً عليه السلام فقالتا: احملنا معك، ونحن نعاهدك ألا نضر أحداً ذكرك، فحملهما. فمَن قرأ، حين يخاف مضرتهما، حين يمسي وحين يصبح: سلام على نوح في العالمين، ومحمد في المرسلين، إنا كذلك نجزي المحسنين، إنه من عبادنا المؤمنين، ما ضرتاه. هـ. وقال نبينا- عليه الصلاة والسلام: «مَن قال حين يُمسي وحين يُصبح: أعوذ بكلمات الله التامات من شرِّ ما خَلَقَ، لم يضره شيء» «٢».
الإشارة: إذا تحقق الإيمان والإحسان في عبد أُعطي ثلاث خصال: نفوذ الدعوة، والثناء الحسن بعده، والبركة في الذرية، كل ذلك مقتبس من قضية نوح عليه السّلام.
(١) قاله سعيد بن المسيب، كما فى تفسير ابن كثير (٤/ ١٣).
(٢) أخرجه، بنحوه، مسلم فى: (الذكر والدعاء، باب فى التعوذ من سوء القضاء، ٤/ ٢٠٨٠، ح ٢٧٠٨، ٢٧٠٩) من حديث سعد بن أبي وقاص، وأبى هريرة- رضى الله عنهما.
(٢) أخرجه، بنحوه، مسلم فى: (الذكر والدعاء، باب فى التعوذ من سوء القضاء، ٤/ ٢٠٨٠، ح ٢٧٠٨، ٢٧٠٩) من حديث سعد بن أبي وقاص، وأبى هريرة- رضى الله عنهما.