ثم ذكر شرف الإيمان وأهله، فقال:
[سورة غافر (٤٠) : الآيات ٧ الى ٩]
الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذابَ الْجَحِيمِ (٧) رَبَّنا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبائِهِمْ وَأَزْواجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٨) وَقِهِمُ السَّيِّئاتِ وَمَنْ تَقِ السَّيِّئاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (٩)
قلت: (الذين) : مبتدأ، و (يُسبّحون) : خبره، والجملة: استئناف مسوق لتسلية الرّسول صلّى الله عليه وسلم ببيان أن «أشرف» «١» الملائكة- عليهم السلام- مثابرون على ولاية مَن معه من المؤمنين، ونصرتهم، واستدعاء ما يُسعدهم في الدارين.
يقول الحق جلّ جلاله: الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ على عواتقهم- وهم محمولون أيضاً بلطائف القدرة، وَمَنْ حَوْلَهُ أي: الحافِّين حوله، وهم الكروبيّون، سادات الملائكة، وأعلى طبقاتهم. قال ابن عباس:
حملة العرش ما بين كعب أحدهم إلى أسفل قدميه مسيرة خمسمائة عام «٢»، وقيل: أرجلهم في الأرض السفلى، ورؤوسهم خرقت العرش، وهم خشوعٌ، لا يرفعون طرفهم، وهم أشد خوفاً من سائر الملائكة «٣».
وقال أيضاً: لمَّا خلق الله حملة العرش، قال لهم: احملوا عرشى قلم يطيقوا، فخلق الله مع كل ملك من أعوانهم مثل جنود مَن في السموات ومَن في الأرض مِن الخلق، فقال لهم: احملوا عرشي، فلم يطيقوا، فخلق مع كل واحد منهم مثل جنود سبع سنوات وسبع أرضين، وما في الأرض من عدد الحصى والثرى، فقال: احملوا عرشي، فلم يطيقوا، فقال: قولوا: لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، فقالوها، فاستقلوا عرش ربنا، أي: لَمَّا حملوه بالله أطاقوه،

(١) فى الأصول الخطية [أشرف] والمثبت من تفسير أبى السعود.
(٢) عزاه فى الدر المنثور (٥/ ٦٤٨) لعبد ابن حميد، وابن مردويه، والبيهقي فى الأسماء والصفات.
(٣) عزاه فى الدر المنثور (٥/ ٦٤٨) لعبد بن حميد، عن ميسرة.


الصفحة التالية
Icon