وَوَهَبْنا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ، قيل: أحياهم الله بأعيانهم، وزاد مثلهم، وقيل: جمعهم بعد تفرُّقهم، وقيل:
أعطاه أمثالهم وزاده ضِعفهم. قال القشيري: وكان له سبع بنات، وثلاثة بنين، في مكتب واحد، فحرّك الشيطانُ الأسطوانةَ، فانهدم البيت عليهم. هـ. ولم يذكر كم كان له من الزوجات، فقد سلمت [منهن] «١» «رحمة» وهلك الباقي.
أعطيناه ذلك رَحْمَةً مِنَّا أي: رحمة عظيمة علية من قِبلنا. وَذِكْرى لِأُولِي الْأَلْبابِ أي: ولنذكرهم بذلك ليصبروا على الشدائد، ويلتجئوا إلى الله فيما ينزل بهم لأنهم إذا سمعوا بما أنعمنا به عليه، لِصبره، رغَّبهم في الصبر على البلاء.
ولمّا حلف: لَيَضْربنَّ امرأته مائةَ ضربة، حيث أبطأت عليه في حاجتها. وقيل: باعت ذوائبها واشترت به رغيفين، وكانت متعلق أيوب. وقيل: طمع الشيطان فيها أن يسجد زوجُها له فيشفيه، أمره الله تعالى ببر يمينه، فقال: وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً حُزمة صغيرة من حشيش أو رَيحان، وعن ابن عباس رضي الله عنه: قبضة من الشجر، فَاضْرِبْ بِهِ وَلا تَحْنَثْ، وهذه الرخصة باقية عند الشافعي وأبي حنيفة، خلافاً لمالك لأن الأَيْمَان عنده مبنية على الأعراف. قال تعالى: إِنَّا وَجَدْناهُ علمناه صابِراً على البلاء، وأما شكواه فليست جزعاً، بل رجوعاً إلى مولاه، على أنه عليه السلام إنما طلب الشفاء خيفة على قومه، حيث كان الشيطانُ يوسوس إليهم، لو كان نبيّاً لما ابتلي بمثل ما ابتلي به، وإرادة القوة على الطاعة، فقد بلغ أمره إلى أن لم يبقَ منه إلا القلب واللسان. قلت:
طلب الشفاء لا ينافي الرضا لأن العبد ضعيف، لا قوة له على قهرية الحق. ثم قال تعالى: نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ رجَّاع إلى الله تعالى. قال القشيري: لم يشغله البلاء عن المُبْلِي. وهو تعليل لمرضه.
الإشارة: كثير من الصوفية اختاروا البلاء على العافية، وبعضهم اختار العافية، قال علىّ رضي الله عنه: لأَن أُعطَى فأَشكر أحبُّ إِليَّ من أن أُبتلى فأَصبرِ، أي: لأنه طريق السلامة، وبه وردت الأحاديث، والأولى للعبد ألا يختار مع سيده شيئاً، بل يكون مفوضاً مستسلماً، يتلقى ما يرد عليه بالترحيب، أيّ شيء كان. وبالله التوفيق.
ثم ذكر إبراهيم وبنيه، فقال:
[سورة ص (٣٨) : الآيات ٤٥ الى ٤٧]
وَاذْكُرْ عِبادَنا إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصارِ (٤٥) إِنَّا أَخْلَصْناهُمْ بِخالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ (٤٦) وَإِنَّهُمْ عِنْدَنا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيارِ (٤٧)