للمؤمنين وتعذيبه للكافرين. وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً، مبالغاً في المغفرة والرحمة لمَن يشاء، أي: لمَن تقتضي الحكمة مغفرته ممن يؤمن به وبرسوله، وأما مَن عداه من الكفر فبمعزل من ذلك قطعاً.
الإشارة: هذه الآية تَجُر ذيلها على مَن تخلّف من المريدين عن زيارة المشايخ من غير عُذر بيِّن، واعتذر بأعذار كاذبة، يقول بلسانه ما ليس في قلبه، وما زالت الأشياخ تقول: كل شيء يُسمح فيه إلا القدوم «١» إذ به تحصل التربية والترقية، وتقول أيضاً: مَن جلس عنا لعذر صحيح عذرناه، وربما يصل إليه المدد في موضعه، ومَن جلس لغير عذر لا نُسامح له، بل يُحرم من زيادة الإمداد، ومن الترقي في المقامات والأسرار، وما قطع الناس عن الله إلا أموالهم وأهلوهم اشتغلوا بهم، وحُرموا السير والوصول، ف كل مريد شغله عن زيارة شيخه أهلُه ومالُه لا يأتي منه شيء. قل: فمَن يملك لكم من الله شيئاً إن أراد بكم ضرّاً، بأن قطعكم عنه بعلة الأهل والمال، أو:
أراد بكم نفعاً، بأن وصلكم إليه، وغيَّب عنكم أهلكم ومالكم، بل كان الله بما تعملون خبيرا، يعلم من تحلف لعذر صحيح، أو لعذر باطل. وبالله التوفيق.
ثم قال:
[سورة الفتح (٤٨) : الآيات ١٥ الى ١٦]
سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انْطَلَقْتُمْ إِلى مَغانِمَ لِتَأْخُذُوها ذَرُونا نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللَّهِ قُلْ لَنْ تَتَّبِعُونا كَذلِكُمْ قالَ اللَّهُ مِنْ قَبْلُ فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنا بَلْ كانُوا لا يَفْقَهُونَ إِلاَّ قَلِيلاً (١٥) قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرابِ سَتُدْعَوْنَ إِلى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ فَإِنْ تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللَّهُ أَجْراً حَسَناً وَإِنْ تَتَوَلَّوْا كَما تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ يُعَذِّبْكُمْ عَذاباً أَلِيماً (١٦)
يقول الحق جلّ جلاله: سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ المذكورون آنفاً إِذَا انْطَلَقْتُمْ إِلى مَغانِمَ أي: مغانم خيبر تَأْخُذُونَها حسبما وعدكم الله بها، وخصَّكم بها، عِوض ما فاتكم من مغانم مكة. و (إذا) : ظرف لما قبله، لا شرط لما بعده، أي: سيقولون عند انطلاقكم إلى مغانم خيبر: ذَرُونا نَتَّبِعْكُمْ إلى خيبر، ونشهد معكم قتال أهلها يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللَّهِ الذي وعد به أهل الحديبية بأن يخصّهم بغنائم خيبر ولا يشاركهم فيها أحد، فأراد المخلَّفون أن يُشاركوهم ويُبدلوا وعد الله. وكانت وقعة الحديبية في ذي الحجة سنة ست، فلما رجع إلى