إِنْ هُوَ: ما هو إِلَّا ذِكْرٌ: وعظ من الله عزّ وجل لِلْعالَمِينَ الثقلين كافة، وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ نبأ القرآن، وصحة خبره، وما فيه من الوعد والوعيد، وذكر البعث والنشور، بَعْدَ حِينٍ بعد الموت، أو: يوم بدر، أو: القيامة، أو: بعد ظهور الإسلام وفشوه. وفيه من التهديد ما لا يخفى. ختم السورة بالذكر كما افتتحها بالذكر.
الإشارة: تقدّم مراراً التحذير من طلب الأجر على التعليم، أو الوعظ والتذكير، اقتداء بالرسل عليهم السلام.
وفي الآية أيضاً: النهي عن التكلُّف والتصنُّع، وهو نوع من النفاق، وضرب من الرياء. وعن الزبير بن العوام رضي الله عنه نادى منادى النبي صلى الله عليه وسلم: «اللهم اغفر للذين لا يدعون، ولا يتكلفون، ألا إني بريء من التكلُّف، وصالحو أمتي» «١».
وقال سلمان «٢» :«أمرنا رسول الله ﷺ ألاَّ نتكلف للضيف ما ليس عندنا!» «٣». وكان الصحابة رضي الله عنهم يُقَدِّمون ما حضر من الكسر اليابسة، والحشف البالي- أي: الرديء من التمر- ويقولون: لا ندري أيهما أعظم وزراً، الذي يحتقر ما قدم إليه، أو: الذي يحتقر ما عنده فلا يقدمه. هـ. وبالله التوفيق، ولا حول ولا قوة إلا بالله، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه.

(١) ذكره السيوطي فى الدر (٥/ ٦٠٠) بلفظ: «إنى لا ألى من التكلف وصالحو أمتى» وعزاه للديلمى وابن عساكر، عن الزبير رضي الله عنه.
(٢) فى الأصول (أبو سليمان).
(٣) أخرجه البيهقي فى الشعب (الباب السابع والستون، ح ٩٦٠١) من حديث سلمان الفارسي- رضي الله عنه.


الصفحة التالية
Icon