وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ أي: وسبّحه في بعض الليل وَأَدْبارَ السُّجُودِ أي: أعقاب الصلوات، جمع: دبر، ومَن قرأ بالكسر «١»، فمصدر، من: أدبرت الصلاة: انقضت، ومعناه: وقت انقضاء الصلاة، وقيل: المراد بالتسبيح:
الصلوات الخمس، فالمراد بما قبل الطلوع: صلاة الفجر، وبما قبل الغروب: الظهر والعصر، وبما من الليل: المغرب والعشاء والتهجُّد، وبأدبار السجود: النوافل بعد المكتوبات.
وَاسْتَمِعْ أي: لِما يُوحى إليك من أحوال القيامة، وفيه تهويل وتفظيع للمخبر به، يَوْمَ يُنادِ الْمُنادِ «٢» أي: إسرافيل عليه السلام، فيقول: أيتها العظام البالية، واللحوم المتمزقة، والشعور المتفرقة إن الله يأمركن أن تجتمعن لفصل القضاء، وقيل: إسرافيل ينفخ، وجبريل ينادي بالمحشر، مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ بحيث يصل نداؤه إلى الكل، على سواء، وقيل: من حجرة بيت المقدس، وهو أقرب مكان من الأرْضِ إلى السَّمَاءِ، باثني عشر ميلاً، وهي وسط الأرض، وقيل: من تحت أقدامهم، وقيل: من منابت شعورهم، فيسمع من كل شعرة. «ويوم» منصوب بما دلّ عليه «يوم الخروج» أي: يوم ينادِ المنادِ يخرجون من القبور، فيوقف على «واستمع» وقيل: تقديره: واستمع حديث يوم يناد المنادى.
ويَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ: بدل من «يوم ينادِ» أي: واستمع يوم ينادِ المنادي، وذلك اليوم هو يوم يسمعون الصيحة، وهي النّفخة الثانية. وبِالْحَقِّ: متعلق بالصيحة، أو: حال، أي: ملتبسة بالحق، وهو البعث والحشر للجزاء، ذلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ من القبور.
إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الخلق وَنُمِيتُ أي: نُميتهم في الدنيا من غير أن يشاركنا في ذلك أحد، وَإِلَيْنَا الْمَصِيرُ أي: مصيرهم إلينا لا إلى غيرنا. وذلك يَوْمَ تَشَقَّقُ أصله: تتشقق، فأدغم، وقرأ الكوفيون والبصري «٣» بالتخفيف، بحذف إحدى التاءين، أي تتصدع، الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِراعاً فيخرج المؤمنون من صدوعها مسرعين، ذلِكَ حَشْرٌ أي: بعث عَلَيْنا يَسِيرٌ هَيْنٌ، وهو معادل لقول الكفرة: (ذلك رجع بعيد)، وتقديم الجار والمجرور لتخصيص اليسر به تعالى.
(٢) أثبت المفسر- رحمة الله- قراءة «المنادى» بإثبات الياء، وهى قراءة نافع وأبى عمرو وصلا، وفى الحالين ابن كثير ويعقوب، وقرأ الباقون بغير ياء وصلا ووقفا.
(٣) قرأ «تشقق» بتخفيف الشين، أبو عمرو وعاصم وحمزة والكسائي، وقرأ ابن كثير ونافع وابن عامر «تشقّق» بتشديد الشين.
انظر السبعة/ ٦٠٧.