الذكران والبهائم، والاستمناء بالكف، لكنه أخف من الزنا واللواط.
﴿والذين هم لأماناتهِم﴾ وهي تتناول أمانات الشرع، وهي التكاليف الشرعية، وأمانات العباد، ﴿وعهدِهم﴾ أي: عهودهم، ويدخل فيه عهود الخلق، والنذور والأيمان، ﴿راعون﴾ ؛ حافظون، غير خائنين، ولا ناقضين، وقيل: الأمانات: ما تدل عليه العقول، والعهد: ما أتى به الرسولُ. ﴿والذين هم بشهادتهم قائمون﴾ يقيمونها عند الحُكّام بالعدل، بلا ميل إلى قريب وشريف، ولا ترجيح للقوي على الضعيف، وإظهار للصلابة في الدين، وإحياء لحقوق المسلمين، وتخصيصها بالذكر مع اندراجها في الأمانات؛ لإبانة فضلها.
﴿والذين هم على صلاتهم يُحافظون﴾ ؛ يُراعون شرائطها، ويُكملون فرائضها وسننها ومستحباتها، وكرر ذكرها لبيان أنها أهمّ، أو: لأن إحداهما للفرائض، والأخرى للنوافل. وقيل: الدوام عليها: الاستكثار مِن تكررها، والمحافظة عليها: ألاّ تضيع عن أوقاتها، أو: الدوام عليها: أداؤها في أوقاتها، والمحافظة عليها: إتقانها وحفظ القلب في حضورها، أو: المراد بالأولى: صلاة القلوب، وهي دوام الحضور مع الحق، وبالثانية: صلاة الجوارح. وتكرير الموصولات تنزيلٌ لاختلاف الصفات منزلةَ اختلاف الذوات، إيذاناً بأن كل واحد من الصفات المذكورة نعت جليل على حِياله له شأن خطير، حقيق بان يفرد له موصوف مستقل، ولا يجعل شيء منها تتمة للآخر.
﴿
أولئك﴾ أي: أصحاب هذه الصفات الجليلة. وما فيه من معنى البُعد مع قُرب العهد بالمُشار إليه للإيذان بعلو شأنهم وبُعد منزلتهم في الفضل، ﴿في جناتٍ مُكرَمون﴾ أي: مستقرُّون في جناتٍ لا يُقادَر قدرها، ولا يدرك كنهها، معظَّمون فيها، منعَّمون، وهما خبران للإشارة، أو:: في جنات " متعلق بمكرَمون.
الإشارة: طبعُ الإنسان من حيث هو: الجزع والهَلع، لخراب الباطن من النور، إلاّ أهل التوجه، وهم مَن مَنَّ اللهُ عليهم بصُحبة أهل الغنى بالله، وهم الذين ذّكَرَ اللهُ بقوله: ﴿على صلاتهم دائمون﴾ أي: صلاة القلوب، وهي دوام الحضور مع الحق، باستغراق أفكارهم في أسرار التوحيد، وهو مقام الفناء في الذات، فهم الذين تطهَّروا من الهلع لِما باشر قلوبَهم من صفاء اليقين، فمَن لم يبلغ هذا لا ينفك طبعه عن الهلع والطمع، ولو بلغ ما بلغ. قيل لبعضهم: هل للقلوب صلاة؟ قال: نعم إذا سجد لا يرفع رأسه أبداً. هـ. أي: إذا واجهته أنوارُ المواجهة خضع لها على الدوام، ﴿والذين في أموالهم﴾ أي: فيما منحهم اللهُ من العلوم والأسرار، حق معلوم للسائل، وهو طالب الوصول، والمحروم، وهو طالب التبرُّك، لكثرة علائقه، أو: لضعف همته، أو: للسائل، وهو مَن دخل تحت تصرفهم، والمحروم: مَن لم يدخل في تربيتهم، فله حق، بإرشاده إلى ما يصلحه مما يقدر عليه وينفعه. والذين يُصدِّقون بيوم الدين، فيجعلونه نُصب أعينهم، فيجتهدون في الاستعداد له.