الإشارة: هل أّدلُكم على تجارةٍ، وهي سلوك طريق التربية، على أيدي الرجال، تُنجيكم من عذاب أليم، وهو غم الحجاب على الدوام؛ تؤمنون بالله ورسوله أولاً، وتجاهدون هواكم وسائرَ العلائق بأموالكم وأنفسكم ثانياً، فالأموال تدفعونها لمن يدلكم على ربكم، والأنفس تُقدمونها لمَن يُربيكم، يَتحكم فيها بما يشاء ﴿في سبيل الله﴾ في الطريق الموصلة إلى حضرته، ﴿ذلكم خيرٌ لكم إن كنتم تعلمون﴾ أي: إن كان لكم علم وعقل، فهذا خير لكم، يغفر لكم ذنوبكم، أي: يُغطي مساوئكم، فيُغطي وصفكم بصوفه، ونعتكم بنعته، فيُوصلكم بما منه إليكم، لا بما منكم إليه، ويُدخلكم جنات المعارف، تجري من تحتها أنهار العلوم، ومساكن طيبة، هي السكنى والأطمئنان في مقامات اليقين، مع شهود رب العالمين، أو روح الرضا وريحان التسليم، أو الإقامة في حضرة القدس، مع التنزُّه في المقامات، في جنات عدن، وهي الرسوخ والإقامة في جنات المعارف ذلك الفوز العظيم.
﴿
وأُخرى تحبونها﴾ عاجلة، ﴿نصر من الله﴾ : عِزٌّ دائم، ﴿وفتح قريب﴾ هو دخول بلاد المعاني. وقال القشيري: الفتح القريب: الرؤية والزلفة، ويقال: الشهود، ويقال: الوجود أبد الأبد. هـ. ﴿وبَشِّر﴾ بأنهم ظافرون بهذا، إن فعلوا ما أُمروا به. وقال الورتجبي: نصر الله: تأييده الأزلي، الذي سبق للعارفين والموحِّدين، والفتح القريب: كشف نقابه وفتح أبواب وِصاله، بنصره ظهروا على نفوسهم، فقهروها، وبفتحه أبواب الغيب شاهَدوا كل مغيب مستور من أحكام الربوبية وأنوار الألوهية. هـ. وباقي الآية يُرغب في القيام في نصر الدين، وإرشاد العباد إلى الله، حتى تظهر أنوار الدين، وتخمد ظلمة المعاصي والبِدَع من أقطار البلاد، وبالله التوفيق، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلّم.