عليهم} ؛ واستعمل الخشونة على الفريقين فيما تجاهدهما به من القتال والمخاصمة باللسان. ﴿ومأوَاهم جهنمُ﴾ يُباشرون فيها عذاباً غليظاً، ﴿وبئس المصيرُ﴾ جهنم، أو مصيرهم.
الإشارة: كُلُّ إنسان مأمور بجهاد أعدائه، من النفس، وَالهوى، والشيطان، وسائر القواطع، وبالغلاظ عليهم، حتى يُسلموا وينقادوا لحُكمه أو تقل شوكتهم، وهذا هو الجهاد الأكبر، لدوامه واتصاله، فمَن دام عليه حتى ظفر بعدوه، أو لقي ربه، كان مِن الصدّيقين، الذين درجتهم فوق درجة الشهداء، تلي درجة المرسَلين. وبالله التوفيق.
قلت: " مثلاُ ": مفعول ثان لضرب، أي: جعل، و " امرأةَ ": مفعول أول، أي: جعل امرأة نوح وامرأة لوط مثلاُ مضروباً للذين كفروا.
يقول الحق جلّ جلاله: ﴿ضَرَبَ اللهُ مثلاً للذين كفروا﴾، ضَرْبُ المثل في أمثال هذه المواقع عبارة عن: إيراد حالة غريبة ليُعرف بها حالة أخرى، مشاكِلة لها في الغرابة، أي: ضرب الله مثلاً لحال الذين كفروا حيث يُعاقَبون على كفرهم وعداوتهم للمؤمنين، ولا ينفعهم ما كان بينهم وبين المؤمنين من النسب والمصاهرة بهاتين المرأتين، ﴿امرأتَ نوحٍ وامرأتَ لوطٍ﴾ قيل: اسم الأولى: واهلة، والثانية: راعلة، ﴿كانتا تحت عبدين من عبادنا صَالِحَينِ﴾ أي: كانتا في عصمة نبييْن عظيميْن، متمكنين من تحصيل خير الدنيا والأخرة، وحيازة سعادتهما، ﴿فخانتاهما﴾ بإفشاء سرهما، أو بالكفر والنفاق، ﴿فلم يُغنيا عنهما من الله شيئاً﴾ أي: فلم يُغن الرسولان عن المرأتين بحق ما بينهما من الزواج شيئاً من الإغناء من عذاب الله تعالى، ﴿وقيل﴾ لهما عند موتهما، أو يومَ القيامة: ﴿ادخلا النارَ مع الداخلين﴾ أي: مع سائر الداخلين من الكفرة، الذين لا وصلة بينهم وبين الأنبياء.