أن القرآن - غير مخلوق قول الله عز وجل: (إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (٤٠).
فلو كان القرآن مخلوقًا لكان مخلوقاً بقول آخر، وأدى ذلك إلى أن لا يوجد منه سبحانه فعل أبداً؛ إذ لا بد أن يوجد قبل ذلك الفعل أفعال هي أقوال ليس لها غاية، وذلك محال، ثم إن المخلوقات قسمان: جِسْمٌ وعَرَض.
فلو كان القرآن مخلوقاً كان إما جسماً، وإا عَرضاً.
والجسم يقوم بنفسه، فلو كان القرآن جسمًا لكان
قائمًا بنفسه، ويلزم من ذلك وجود كلام غير قائم بمتكلم، ولا يصح أيضاً
أن يكون عرضًا مخلوقًا لأنه لو كان كذلك لم يخل أن يقوم بنفس - البارئ
عزَّ وجلَّ، أو بغيره، أو لا في محل.
والله تعالى - عز وجل - ليس بمحل
للحوادث، فاستحال أن يخلقه في نفسه، وكذلك لا يصح أن يخلقه في
غيره؛ لأنه كان يكون كلاماً للذي خلق فيه وصفة له كالعلم، والإرادة
المخلوقين في الأجسام، ألا ترى أنهما صفتان لمن قامتا به دون الخالق
لهما، وكذلك أيضاً يستحيل أن يخلقه لا في شيء، كما استحال فعل
حركة ولون لا في شيء، وأيضاً، فإنه لو كان عرضًا لوجب أن يفنى في
الثاني من حال حدوثه، ويلزم من ذلك أن يكون البارئ عز وجل في وقتنا
هذا لا آمراً بشيء، ولا ناهياً عنه، ولا مخبراً بشيء، وذلك خلاف ما عليه
الأمة.
وقال شيخ من رؤساء المعتزلة، يقال له: مَعْمَر: إن الله تعالى
ليس له كلام، وإن موسى إنما سمع كلام الشجرة، وإن الله تعالى عز قوله
لم يأمر قط، ولم ينه عن شيء، ولا تكلم ألبتة.
نسال الله العفو والعافية مما صارت إليه هذه الفرقة وغيرها من فرق الضلال.