وقال عز وجل: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (١٨) وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (١٩).
فحذر المؤمنين أن يغفلوا عما فرض عليهم، وعهد إليهم أن لا يضيعوه، وأن
يحفظوا ما استرعاهم من حدود، ولا يكونوا - كغيرهم ممن فَسَقَ عن أمره
فعذبه بأنواع العذاب.
ثم أَعْلَم المؤمنين أنه (لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ (٢٠).
قال محمد بن الحسين: فالمؤمن العاقل إذا تلا القرآن استعرض
القرآن، فكان كالمرآة يرى بها ما حسن فعله وما قبح.
فما حذره مولاه حذِره، وما خوفه به من عقابه خافه، وما رغبه فيه مولاه رَغِب فيه، ورجاه، فمن كانت هذه صفته، أو ما قارب هذه الصفة، فقد تلاه حق تلاوته، ورعاه حق رعايته، وكان له القرآن شاهداً وشفيعًا وأنيساً وحِرْزاً -
أسال الله عز وجل بكرمه أن يجعل لي من هذه الأوصاف حظاً أتخلَّص به
من تبعة القرآن - وقد كان شيخنا أبو القاسم الشاطبى رحمه الله صاحب
هذه الصفات جميعها، وربما زاد عليها.
قال محمد بن الحسين حدثنا أبو بكر عبد الله بن سليمان


الصفحة التالية
Icon