(فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)
ولعل من الله واجبة، فضمن الفلاح مع اجتنابها، ونظيره الخسران مع مواقعتها، وكما أنه تعالى حرم أكل الخنزير.
وقليله ككثيره بإجماع، كذلك يجب أن تكون الخمر والمسكر من غيرها.
فقلتهما ككثرتهما في التحريم، وزاد ذلك بياناً (مَاْ أَسكَرَ كَثِيْرُهُ.
فَقَلِيْلُهُ حَرَاْم".
قال: وقال ابن جبير: لما نزل (قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ)
كره "الخمر قوم للإثم، وشربها قوم للمنافع حتى نزل (لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى).
فتركوها عندالصلاة حتى نزل (فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)، فحرمت بهذا. فهذا يدل على أن آية البقرة منسوخة بآية المائدة، والمائدة نزلت بعد البقرة بلا شك، وهذا سياق قول مكي بن أبي طالب في كتابه المسمى "بالموضح في الناسخ والننسوخ".
وأقول مستعيناً بالله:
قوله: إنها ناسخة لما كان مباحاً من شرب الخمر يلزم منه أن الله عز
وجل أنزل إباحتها، ثم نسخ ذلك.
ومتى أحل الله عز وجل شرب الخمر؟
وإنما كانوا مسكوتاً عنهم في شربها، جارين على عادتهم، ثم نزل
التحريم، كما سكت عنهم في غيرها من المحرمات إلى وقت التحريم.
وهذه الآية، وما ذكر من الآيات، الكل في التحريم كما جاء تحريم الميتة
في غير آية.