نفرتم إلى العدو فعلى إحدى الحالتين، إما مجتمعين، أو سرايا متفرقين.
ولم يرد بقوله: (جميعاًً) لا يبقى منكم أحد.
وقال ابن عباس، وقتادة: المعنى: ما كان المؤمنون إذا غزوا، وليس
معهم النبي - ﷺ - لينفروا كلهم، ويتركوه لا يبقى منهم أحد عنده، فإذا بقي بعد النافرين قوم، ونزل قرآن تعلموه، فإذا رجع النافرون أخبرهم القاعدون بما نزل، ثم ينفر القاعدون، ويمكث الأولون عند النبي - ﷺ -.
وهذا المعنى أيضاً لا يعارض آية النساء، فتكون هذه الآية ناسخة لها.
وروي عن ابن عباس أيضاً أنها نزلت في غير هذا المعنى، وإنما
أقبلت قبائل مضر إلى المدينة من أجل الجدب الذي أصابهم بدعوة
النبي - ﷺ -، تأتي القبيلة بأسرها تزعم أن الإسلام أقدمها، وإنما أقدمها الضرُّ، فاعلم الله تعالى النبي - ﷺ - بأنهم كاذبون.
ولو كان ذلك غرضهم لاكتفوا بإرسال بعضهم إلى المدينة ليتفقهوا، ولينذروهم إذا انقلبوا إليهم.
واختلاف الرواية دليل الضعف، والمخبر عنه واحد، والقصة واحدة، ومع
ذلك فلا تعارض بين الآيتين، ولا نسخ.
وقال عكرمة: إنما أنزلت في تكذيب المنافقين؛ لأنهم لما نزل قوله
عز وجل: (مَا كَانَ لأِهْلِ الْمَديِنَةِ..) الآية
قال المنافقون لمن تخلف عن رسول الله - ﷺ - لعذر من المؤمنين: هلكتمِ بتخلفكم عن رسول الله - ﷺ -، فأنزل الله تعالى: (وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً)
وهذا تأويل بعيد من سياق الآية، ومع ذلك فلا نسخ.
وقال الحسن البصري: هي في الجهاد، والمعنى: لتتفقه الطائفة