الرابع والعشرون قوله عز وجل: (فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ).
قالوا: نسخ بآية السيف، وليس كما قالوا؛ لأن هذه الآية إنما نزلت بعد الأمر بالقتال، ولكن لمَّا ثبّطوا عن القتال على ما ذكر في الآيات قبلها، وبيتوا غير ما قالوا من إظهار الطاعة.
قال له الله عز وجل: (فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ) ولا تعتمد على نصرهم، فإن
تخلفوا عنك، ولم يخرجوا معك، فما كلفت غير نفسك وحدها
(وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ)، أي: وما يلزمك في أمرهم إلَّا تحريض.
وفي هذا تحريك لَهُمْ وإلهاب.
وقيل: دعاهم إلى الخروج في بدر الصغرى، فكرهوا الخروج.
فخرج رسول الله - ﷺ -، ولم يلوِ على أحد، فلم يتبعه إلَّا سبعون، ولو لم يتبعه أحد لخرج وحده، وكان أبو سفيان واعده اللقاء، فكان الأمر كما قال الله عز وجل: (يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا)
ورجع أبو سفيان؛ لأنه لم يكن مع أصحابه زاد إلَّا السويق، فقال لهم: هذا عام مجدب، ولم يقدم على لقاء رسول الله - ﷺ -.
الخامس والعشرون قوله عز وجل: (إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ).
قالوا: قال الله عز وجل: (فَإِنْ تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) ثم استثننى من ذلك أهل الميثاق، ومن اتصل بهم وانحاز إلى جملتهم، ثم نسخ - ذلك بقوله عز وجل في براءة (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ).
قال قتادة: نبذ إلى كل ذي عهد عهده، ثم أمر بالقتال، والقتل حتى
يقولوا: لا إله إلا الله، وكان رسول الله - ﷺ - قد عاهد كفار مكة عام الحديبية عهداً بقي من مدته عند نزول براءة أربعة أشهر، فأمر الله عز وجل نبيه - ﷺ - أن يوفي بعهدهم إلى مدتهم، وأن يؤخر قتال من لا عهد له إلى انسلاخ


الصفحة التالية
Icon