وابن زيد: هو منسوخ بالجهاد.
وأقول، والله أعلم: إن هؤلاء الذين حصرت صدورهم عن القتال هم الذين ذكروا في قوله عزَّ وجلَّ: (إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ) ذكر لهم حالتان: الاتصال بالمعاهدين، أو المجيء إلى النبى - ﷺ -.
والتقدير: إلا الذين حصرت صدورهم فاتصلوا بقومٍ بينكم وبينهم ميثاق أو جاؤوكم، يدل على ذلك قراءة أبيٍّ: (بينَكُم وَبَينهُمْ مِيْثَاْق حَصِرَتْ صُدُوْرُهُمْ)، وليس في قراءته (أو جاءوكم).
وقوله عزَّ وجلَّ: (فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ)
إنما أراد كفار مكة ومن معهم، يدل على ذلك قوله عز وجل: (أَلَا تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ) ؛ لأن النبي - ﷺ -
عام الحديبية حين قاضى المشركين أدخل معه بني كعب بن خزاعة في
القضية، وأدخل المشركون معهم بني بكر بن كنانة في القضية، فنقض
المشركون أيمانهم، وأغاروا مع بني بكر بن كنانة على بني كعب بن خزاعة
قبل انقضاء مدة العهد، فغضب النبي - ﷺ -، وقال: لأنتصرن لهم، فنصره الله عز وجل بفتح مكة، وشفى صدور بني خزاعة، وأذهب غيظ قلوبهم، وهم القوم المؤمنون، وحلفاء رسول الله - ﷺ -، فتأمل هذا، فإنه لا يعارض ما في سورة النساء إلَّا أن يكون الذين حصرت صدورهم ممن نقض العهد، ونكث اليمين، وأعان على خزاعة.
والجرأة على الناسخ والمنسوخ خطر عظيم.
ولا يعارض ما في سورة النساء أيضاً قوله عز وجل: (وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً).