إنما نفى عن نفسه علم الغيب فيما يحدث عليه، وعليهم في الدنيا
قال: ألا ترى إلى قوله (إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ)
يريد في الدنيا، قال: وأيضاً فإن الآية خبر، ولا ينسخ الخبر.
وأيضاً فإنه - ﷺ - قد علم أنَّ من مات على الكفر فهو مخلد في النار، فكيف يقول: (مَا أدْري مَا يُفْعَلُ بِيْ وَلاَ بِكُمْ) في الآخرة، وقد أعلمه الله عزّ وجل بما يؤول إليه أمر الكفار في الآخرة، وهذا مثل قوله
ْ (وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ)
أي لو علمت الغيب لتحفظت من الضرّ، فلم
يلحقني في الدنيا ضر.
قال: فالظاهر أن الآية محكمة نزلت في أمور الدنيا.
وأقول مستعيناً بالله: إن الآية محكمة على كل حال.
قول مكي: إن نسخها إنما يجوز على قول من قال:
"ما يفعل بي ولا بكم في الآخرة دون الدنيا"؛ لأن الله قد أعلمه أنه مغفور له فى الآخرة، فليست بمنسوخة، وإن كان الله عز وجل قد أعلمه بذلك؟ - لأن المعنى: أنّي لا أعلم من الأمير شيئاً إلا ما أعلمني به الله عز وجل، يدل
على ذلك قوله عز وجل (إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ)، وليس لي من علم
الغيب شيء؛ لأنهم كانوا يسألونه عن المغيبات، فأمر بأن يقول: ما أنا
ببدع من الرسل: خارج عما كانوا عليه، إذ كانوا إنما يفوهون بما يُوحى
إليهم، ولا يخبرون بغير ذلك (قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ)، فإعلامه بعد ذلك بما يكون
منه في الآخرة لا يكون ناسخاً لهذا.
وأما قول هبة الله: فقال المشركون، وقال المؤمنون: فما يكون