وكان أبا عبد الرحمن، والجماعة الذين ذكرهم عاصم لم يبلغهم
الإدغام، وترك هاء السكت في الوصل، فأنكروا ذلك.
وأما أبو حمدون فكان من الأئمة الزهاد الفضلاء، وقد تقدم أنه
أخذ القراءة عن الكسائي، وقرأ أيضاً على يعقوب الحضرمي، وكان
يعقوب لا يدغم دال (قد) وذال (إذ)، ولا تاء التأنيث.
ولا لام (هل وبل)، فيجوز أن يكون أخذ ذلك من يعقوب، وكان الحرف الذي أدغمه من هذه الحروف، وكان في نفسه شيء من إدغام الكسائى لذلك، فرأى ذلك في منامه، أو يعني بقوله: فما عدت أدغم حرفاً في الصلاة، فقد كره بعض الأئمة الإدغام في الصلاة، مع أن القراءة المنقولة عنه
الإدغام، وسأذكر ذلك فيما بعد، إن شاء الله، ولا يشك في دينه.
وصلاحه.
قال أبو العباس بن مسروق، وكان من أصحاب أبي حمدون.
وممن أخذ القراءة عنه: حدثني أبو حمدون المقرئ قال: كنت ليلة
قائماً أصلي، وصاحب لي يقال له: محمد الحناط، قائم يصلي بحذائي
على سطح، فحملتني عيني، فرأيت كأنَّ موسى بن عمران، عليه
السلام، قد أهوى إليه بحربة ليطعنه بها، فأوجزت الصلاة، وناديت يا
محمد، يا محمد! ويحك، مالك ولموسى بن عمران؟
قال: قرأت، فبلغت إلى قوله عز وجل: (رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ).
فقلت: ما كان أجرأه! يقول لله عز وجل: (أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ)
قلت: فإني قد رأيته يومئ إليك بالحربة ليطعنك بها.