الليلة المذكورة في سورة الدخان.
فإن قيل: ما في إنزاله جملة إلى سماء الدنيا؟
قلت: في ذلك تكريم بني آدم، وتعظيم شأنهم عند
الملائكة، وتعريفهم عناية الله عز وجل بهم، ورحمته لهم.
ولهذا المعنى أمر سبعين ألفاً من الملائكة، لما أنزل سورة الأنعام، أن تزفها، وزاد سبحانه في هذا المعنى بأنْ أمر جبريل عليه السلام بإملائه على السفَرَة
الكرام البَرَرَة عليهم السلام، وإنساخهم إياه، وتلاوتهم له.
وفيه أيضاً إعلام عباده من الملائكة، وغيرهم أنه علام الغيوب، لا يعزب عنه شيء؛ إذ كان في هذا الكتاب العزيز ذكر الأشياء قبل وقوعها.
وفيه، أيضاً التسوية بين نبينا - ﷺ - وبين موسى عليه السلام في إنزال كتابه جملة، والتفضيل لمحمد - ﷺ - في إنزاله عليه مُنَجماً، ليحفظه.
قال الله عز وجل: (كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ)
وقال عز وجل: (سَنُقْرِئُكَ فَلاَ تَنْسَى)، وكان جبريل يلقى رسول الله - ﷺ - في كل عام في رمضان يعرض عليه رسول الله - ﷺ - القرآن، وعارضه في العام الذي
قبض فيه رسول الله - ﷺ - مرتين.
فأين هذا من أمر التوراة؟!.
وفيه أيضاً، أن جناب العزة عظيم، ففي إنزاله جملة واحدة، وإنزال الملائكة له مُفَرقاً بحسب الوقائع ما يوقع في النفوس تعظيم شأن الربوبية.
فإن قيل: قوله عز وجل: (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) إخبار عن القرآن.


الصفحة التالية
Icon