فيكون حينئذٍ مما أُمِرَ به من اتخاذ مقامِ إبراهيمَ مُصلًّى: استقبالُ البيتِ
الذي بناهُ في الصلاةِ إليه، كما كانَ إبراهيمُ يستقبلُهُ، وخصوصًا إذا كانتِ
الصلاةُ عندَهُ.
وعلى هذا التقديرِ يَظْهرُ وجهُ تبويبِ البخاريِّ على هذه الآية في "أبواب
استقبالِ القبلةِ"، وإلا ففيه قَلَقٌ. واللَّه أعلمُ.
* * *
[قالَ البخاريُّ] : حدَّثنا عمْرُو بْنُ عوْنٍ: ثنا هُشيْمٌ، عنْ حمُيدٍ، عنْ
أنسٍ، قالَ: قالَ عُمَرُ: وافقتُ ربي في ثلاثٍ: قُلتُ: يا رسولَ اللَّهِ، لو
اتَّخَذْنَا منْ مقامِ إبراهيمَ مُصلًّى، فنزلَتْ: (وَاتَّخِذُوا مِن مَّقَامِ إِبْرَاهيم مُصَلًّى)
، وآيةُ الحِجابِ، قُلتُ: يا رسولَ اللَّه، لوْ أمرتَ نساءَكَ أن
يحْتَجِبْنَ، فإنَه يُكَلِّمُهُن البَرُّ والفاجرُ، فنزلَتْ آيةُ الحِجابِ، واجْتَمعَ نساءُ النبيِّ - ﷺ - في الغيْرةِ عليْهِ، فقُلْتُ لهُن: (عَسَى رَبُّهُ إِن طَلَّقَكنَّ أَن يُبْدِلَهُ أزوَاجًا خَيْرًا مِّنكُنَّ)، فنزلتْ هذهِ الآيةُ.
وقالَ ابنُ أبي مريمَ: أبنا يحيى بنُ أيوبَ: حدَّثني حُميدٌ، قالَ: سمعتُ
أنسًا - بهذا.
هذا الحديثُ مشهورٌ عن حميدٍ، عنْ أنسٍ، وقد خرَّجَهُ البخاريُّ - أيضًا -
في "التفسيرِ" من حديثِ يحيى بن سعيدٍ، عنْ حُميدٍ.
ورواه - أيضًا - يزيدُ بن زُرَيعْ وابن عُليَّةَ وابنُ أبي عدي وحماد بنُ سلمةَ