فدارُوا كما هُمْ قِبَلَ البيْتِ.
وكانتِ اليهودُ قد أعْجبَهُم إذْ كانَ يُصلِّي قِبلَ بيتِ المقدسِ.
وأهلُ الكتابِ، فلمَّا ولَّى وجهه قبل البيتِ، أنكروا ذلك.
قال زُهيْر: ثنا أبو إسحاقَ، عنِ البراءِ - في حديثِهِ هذا - أنَّه ماتَ على
القبْلةِ قبْلَ أن تُحوَّل رجالٌ وقُتِلُوا، فلم نَدْرِ ما نقولُ فيهم، فأنزلَ اللَّه تعالى: (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ).
قالَ البخاريُّ: يعنِي: صلاتَكُمْ.
وبوَّبَ على هذا الحديثِ: "بابُ: الصلاةِ منَ الإيمانِ ".
والأنصارُ للنبيِّ - ﷺ - فيهم نسب؛ فإنَهم أجدادُه وأخوالُه من جهةِ جدِّ أبيه هاشمِ بنِ عبدِ منافٍ، فإنه تزوَّج بالمدينة امرأةً من بني عديِّ بنِ النجارِ، يُقالُ لها: سلمَى، فولدتْ له ابنَه عبدَ المطلبِ، وفي رأسِهِ شيبة، فسمِّي شيبةً.
وذكرَ ابنُ قتيبةَ: أن اسمَهُ عامر، والصحيحُ: أن اسمَه شيبة.
وإنَّما قيل له: عبدُ المطلب؛ لأنَّ عمَّه المطلبَ بنَ عبدِ مناف قدمَ به منَ
المدينةِ إلى مكة، فقالتْ قريش: هذا عبدُ المطلبِ، فقالَ: ويحكُم، إنَّما هو
ابنُ أخي شيبةُ بنُ عمرو، وهاشم اسمُه عمْرو.
ففي حديث البراءِ هذا: أنَّ النبيَّ - ﷺ - لما قدِمَ المدينةَ نزلَ على اجدادِهِ - أو قالَ: أخوالِهِ - منَ الأنصارِ.
وظاهرُهُ: يدلُّ على أنَه نزلَ على بني النجار؛ لأنَّهم هُمْ أخوالُه وأجدادُه.
وإنما أرادَ البراءُ جنسَ الأنصارِ دونَ خصوصِ بني النجارِ.
وقد خرَّج البخاريُ في "كتاب الصلاةِ" و"أبواب الهجرةِ" من حديثِ


الصفحة التالية
Icon