ويشهدُ لهذا: ما في حديثِ البراءِ: "وكانتِ اليهودُ قد أعجبَهم إذْ كان
يصلِّي قِبلَ بيتِ المقدسِ وأهلُ الكتابِ - يعني: من غيرِ اليهودِ، وهُم
النصارَى - فلمَّا ولَّى وجهَه قِبلَ البيتِ أنكرُوا ذلك ".
وقد اختلفَ الناسُ: هل كانَ النبيُّ - ﷺ - بمكةَ قبلَ هجرتِهِ يصلِّي إلى بيتِ المقدسِ، أو إلى الكعبة؟
فرُوي عن ابنِ عباسٍ، أنَّه كانَ يصلِّي بمكةَ نحوَ بيتِ المقدسِ، والكعبةُ بينَ
يديه.
خرَّجه الإمام أحمدُ.
وقال ابنُ جُرَيج: صلَّى أول ما صلَّى إلى الكعبةِ، ثم صُرِفَ إلى بيتِ
المقدسِ، وهو بمكةَ، فصلَّتِ الأنصارُ قبْلَ قدومِهِ - ﷺ - إلى بيتِ المقدسِ ثلاثَ حجج، وصلَّى بعد قدومِهِ ستةَ عشرَ شهرًا، ثم وجَّههُ اللَّهُ إلى البيت الحرامِ.
وقال قتادةُ: صلتِ الأنصارُ قبلَ قدومِهِ - ﷺ - المدينةَ نحوَ بيتِ المقدسِ حولينِ.
واستدل من قال: إنَّما صلَّى النبيُّ - ﷺ - إلى بيتِ المقدسِ ستةَ عشرَ شهرًا، أو سبعةَ عشرَ شهرًا، فدل على أنَّه لم يصلِّ إليه غيرَ هذهِ المدة.
ولكن قد يقال: إنَّه إنَّما أرادَ بعدَ الهجرةِ.