إذا أنتَ لم تَزْددْ على كلِّ نعمة... لمؤتِيكَهَا حبًّا فلستَ بشَاكرٍ
إذا أنتَ لم تؤثرْ رِضا اللهِ وحدَهُ... على كلِّ ما تهْوَى فلستَ بصَابرٍ
والشكرُ باللسانِ: الثناءُ بالنعم وذكرُها وتعدادُها، وإظهارُهَا، قالَ اللَّهُ
تعالى: (وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ). وفي حديثِ النعمانِ بنِ بشيرٍ
المرفوع: "التحدثُ بالنعم شكر وتركُها كفر".
وقالَ عمرُ بنُ عبدِ العزيزِ: "ذكرُ النعم شكرُها".
وكانَ يقولُ في دعائِهِ: "اللَّهُمَّ إنِّي أعوذُ بكَ أن أُبدلَ
نعمتَكَ كُفرًا، وأن أكفرَهَا بعد معرفتِهَا أو أنسَاهَا فلا أُثنِي بهَا".
قال فضيلٌ: "كانَ يُقال: مِن شكرِ النعمةِ أن تحدِّثَ بهَا"
وجلسَ ليلةً هو وابنُ عيينةَ يتذاكرنِ النعمَ إلى الصباح.
والشكرُ بالجوارح: أن لا يستعانَ بالنعم إلا على طاعةِ اللَّهِ عزَّ وجلَّ، وأن
يحذرَ من استعمالِهَا في شيءٍ من معاصِيه؛ قالَ تعالَى: (اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ
شكْرًا).
قال بعضُ السلف: "لما قيلَ لهم هذا؛ لم تأتِ عليهم ساعةٌ
إلا وفيهم مُصَلٍّ.
وكانَ النبيُّ - ﷺ - يقومُ حتى تتورمَ قدماهُ.
وقالَ: "أفلا أكونُ عبدًا شكورًا".
ومرَّ ابنُ المنكدرِ بشابٍ يقاومُ امرأةً، فقالَ: "يا بنيَّ ما هذا جزاء نعمةِ اللَّهِ
عليكَ ".
العجبُ ممَّنْ يعلمُ أنَّ كلَّ ما بِهِ من النعم من اللَّهِ ثمَّ لا يستحيي من
الاستعانةِ بها على ارتكابِ ما نهاهُ.


الصفحة التالية
Icon