اللَّهِ، ولكنْ يعودونَ على أنفسِهِم بالكَسْبِ.
ورَوَى الخَلاَّلُ بإسنادِه عن الفضيلِ بنِ عِياضٍ أنَّهُ قيلَ لهُ: لو أن رجلاً قعدَ
في بيتِهِ زعمَ أنَّه يثقُ باللًّهِ، فيأتيِه برزقهِ، قالَ: إذا وثقَ باللَّهِ حتى يعلمَ منه أنَّه
قدْ وثقَ به لم يمنعْهُ شيءٌ أرادَهُ، لكنْ لم يفعلْ هذا الأنبياءُ ولا غيرُهم، وقد
كانَ الأنبياءُ يؤجَرون أنفسَهم، وكانَ النبيُّ - ﷺ - يؤجِّرُ نفْسَه وأبو بكرٍ وعمرُ، ولم يقولوا: نقعدُ حتَّى يرزقُنا اللَّهُ عزَّ وجلَّ.
وقالَ اللَّهُ عزَّ وجل: (وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللهِ)، ولا بُدَّ من طلبِ المعيشةِ.
وقد رُوي عن بِشْرٍ ما يُشعرُ بخلافِ هذا، فرَوَى أبو نُعيمٍ في "الحلْيةِ" أنَّ
بشرًا سُئلَ عن التوكُلِ، فقالَ: اضطرابٌ بلا سكونٍ، وسكونٌ بلا اضطرابٍ، فقالَ له السائلُ: فسِّره لنا حتى نفقهَ، قالَ بشرٌ: اضطرابٌ بلا سكونٍ: رجلٌ يضطربُ بجوارحِهِ، وقلبُه ساكنٌ إلى اللَّهِ لا إلى عملِهِ، وسكونٌ بلا
اضطرابِ: فرجلٌ ساكنٌ إلى اللَّهِ بلا حركةٍ، وهذا عزيزٌ، وهوَ من صفاتِ
الأبدالِ.
* * *
قوله تعالى: (وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١٩٩)
والاستغفارُ طلبُ المَغْفرةِ، والمغفرةُ هى وِقَايةُ شَرِّ الذنوبِ معَ سَترِهَا وقد
كثرُ في القرآنِ ذكرُ الاستغفارِ، فتارةً يؤمرُ به، كقولِهِ: (وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ)، وقولِهِ: (وأن استغفروا ربكم ثم توبوا إِليه).
وتارةً يمدحُ أهلَهُ، كقولِهِ: (وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ).
وقوله:


الصفحة التالية
Icon