مباشرةِ الحائضِ وما يَحِلُّ منه في البابِ الذي يخْتَصُّ المباشرةَ من الكتابِ.
وقد قيلَ: بأن المرادَ بالمحيضِ ها هُنا: مكانَ الحيضِ، وهو الفَرجُ، ونصَّ
على ذلكَ الإمامُ أحمدُ، وحكاه الماورْدِيُّ عن أزواج النبيِّ - ﷺ - وجمهورِ المفسرينَ، وحكى الإجماعَ على أنَّ المرادَ بالمحيضِ المذكورِ في أولِ الآية: الدَّمُ.
وقد خالفَ في ذلك ابنُ أبي موسى من أصحابنِا في "شرح الخِرَقي ".
فزعم أن مذهبَ أحمدَ أنَّه الفرجُ - أيضًا -، وفيه بُعدٌ.
وجمهورُ أصحابِ الشافعيِّ على أنَّ المرادَ بالمحيضِ في الآيةِ الدَّمُ، في
الموضعينِ.
وقولُهُ: (وَلا تَقْرَبُوهُنَّ)، نهي بعدَ الأمرِ باعتزالِهنَّ في المحيضِ عن
قرْبأنهنَّ فيه، والمرادُ به: الجماعُ - أيضًا -، وفيه تأكيد لتحريمِ الوَطْءِ في
الحيضِ.
وقولُهُ: (حَتَّى يَطْهُرْنَ) فيه قراءتان: "يَطهُرْنَ " - بسكُونِ الطاءِ وضمَ الهاءِ -، و"يَطَّهَّرْنَ " - بفتح الطاءِ وتشديدِهَا وتشديدِ الهاءِ.
وقد قيل: إنَّ القراءة الأولى أُريدَ بها انقطاعُ الدَّمِ، والقراءةُ الثانيةُ أُريدَ بها
التَّطَهُّر بالماءِ.
وممن فسر الأولى بانقطاع الدمِ ابنُ عباسٍ ومُجاهد وغيرُهما.
وابنُ جريرٍ وغيرُهُ: يشيرونَ إلى حكايةِ الإجماع على ذلكَ.
ومنَعَ غيرُه الإجماعَ، وقال: كل من القراءتينِ تحتملُ أن يُراد بها الاغتسالُ
بالماءِ، وأنْ يُراد بها انقطاعُ الدمِ، وزوَالُ أذَاهُ.


الصفحة التالية
Icon