وروى أبانُ بنُ صالح، عن مجاهدٍ، عن ابنِ عباسٍ، قال: (مِنْ حَيْثُ
أَمَرَكُم اللَّهُ) أن تعتزلوهنَّ. ورواه عِكْرمةُ، عن ابنِ عباسٍ - أيضًا.
وقيل: المرادُ من قِبَلِ التطهرِ لا من قِبَلِ الحيض، ورُوي عن ابن عباسٍ -
أيضًا -، وغير.
و"التوابون ": الرَّجَّاعونَ إلى طاعةِ اللَّهِ من مخالفتِهِ.
و"المتطهرونَ ": فسَّره عطاءٌ وغيرُهُ: بالتطهرِ بالماءِ، ومجاهدٌ وغيرةُ: بالتطهرِ
من الذنوبِ.
وعن مجاهدٍ، أنَّه فسَّره: بالتَّطهرِ من أدبارِ النساءِ.
ويشهدُ له قولُ قومِ لُوطٍ: (إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ).
* * *
والاعتزالُ الذي أمرَ اللَّهُ به: هو اجتنابُ جماعِهِنَّ، كما فَسَره بذلك رسولُ
اللَّهِ - ﷺ -
وقال عِكْرمةُ: كان أهلُ الجاهليةِ يصنعونَ في الحيضِ نحوًا سن صنيع
المَجُوسِ، فذكرُوا ذلكَ لرسولِ اللَّهِ - ﷺ -، فنزلتْ: (وَيسْألُونَكَ عَنِ المَحِيضِ قلْ هُوَ أَذًى) الآية، فلم يَزِدِ الأمرُ فيهن إلا شدَّةً، فنزلت: (فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأتوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ) : أن تعتزِلُوا.
أخرَّجَهُ القاضِي إسماعيلُ، بإسنادٍ صحيح.
وهو يدلُّ على أنَّ أولَ ما نزلَ الأمرُ باعتزالِهنَّ فَهِمَ كثيرٌ من الناسِ منه


الصفحة التالية
Icon