وقد اختلفَ المفسرونَ من السلفِ فمن بعدَهم في المرادِ بقولِهِ تعالى: (مَا
خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ)، ففسَّره قومٌ بالحملِ، وفسَّره قومٌ بالحيضِ.
وقال آخرونَ: كل منهما مراد، واللَّفظُ صالحٌ لهما جميعًا، وهذا هو
المروِي عن أكثرِ السلفِ، منهم: ابن عمرَ، وابنُ عباسٍ، ومجاهد، والحسنُ
والضَّحاك.
وأمَّا ما ذكره عن عَليٍّ وشُرَيْحٍ:
فقال حَرْبٌ الكرمانيُّ: ثنا إسحاقُ - هو: ابن راهويه -: ثنا عيسى بن
يونسَ، عن إسماعيلَ بنِ أبي خالدٍ، عن الشَّعْبيِّ، أنَّ امرأةً جاءت إلى عليِّ
بن أبي طالبٍ فقالت: إني طُلِّقْتُ، فحضْتُ في شهرٍ ثلاثَ حِيَضٍ؛ فقال
عليٌّ لشريح: قُل فيها، فقالَ: أقول فيها وأنت شاهد، قال: قُلْ فيها، قال: إنْ جاءت ببطانة من أهلها ممن يُرضى دينُهنَّ وأمانتهن فقل: إنَّها حاضت ثلاثَ حيضٍ طَهُرت عند كل حيضة، صُدِّقَتْ، فقال عليٌّ: قالون. قال عيسى: با لرُّوميَّةِ: أصبتَ.
قال حرْبٌ: وثنا إسحاقُ: أبنا محمدُ بن بكرٍ، ثنا سعيدُ بنُ أبي عَرُوبةَ.
عن قتادةَ، عن عزرةَ، عن الحسنِ العُرَنيِّ، أنَّ امرأةً طلَّقها زوجُها، فحاضت
في خمس وثلاثينَ ليلةً ثلاثَ حيضٍ، فرفعتْ إلى شُريح فلم يَدرِ ما يقول
فيها، ولم يَقُل شيئًا، فرُفعت إلى عليِّ بنِ أبي طالب، فقال: سلُوا عنها
جاراتِها، فإنْ كان هكذا حيضُها فقد انْقضَتْ عدَّتها، وإلا فأشهر ثلاثٌ.
وهذا الإسنادُ فيه انقطاعٌ، فإنَّ الحسنَ العُرني لم يدرك عليًّا -: قاله


الصفحة التالية
Icon