أحدُهما: أنَّه يحتملُ أنه كان نهى عن الكلامِ متقدمًا، ثم أذنَ فيه، ثم نهى
عنه لما نزلتِ الآيةُ.
والثاني: أنه يحتملُ أن يكونَ زيدُ بنُ أرقم ومن كان يتكلَّمُ في الصلاةِ لم
يبلغْهم نهيُ النبيِّ - ﷺ -، فلما نزلتِ الآيةُ انتهَوْا.
وكلا الجوابينِ فيه بُعْدٌ، وإنَّما انتهوا عند نزولِ الآيةِ، بأمرِ النبي - ﷺ - بالسكوتِ، ونهيِه عن الكلامِ، كما تقدمَ.
وقالت طائفةٌ أخرى: إنَّما حُرِّمَ الكلامُ في الصلاةِ بالمدينةِ؛ لظاهرِ حديثِ
زيدِ بنِ أرقم، ومنعُوا أن يكونَ ابنُ مسعود رجعَ من الحبشةِ إلى مكةَ.
وقالُوا: إنما رجع من الحبشةِ إلى المدينةِ، قبيل بَدْرٍ.
واستدلُّوا بما خرَّجه أبو داودَ الطيالسيُّ في "مسندِهِ " من حديثِ عبدِ اللَّهِ
بنِ عتبةَ، عن ابنِ مسعود، قال: بعثنَا النبيُّ - ﷺ - إلى النجاشيِّ، ونحن ثمانونَ رجلاً، ومعنا جعفرُ بنُ أبي طالب - فذكرَ الحديثَ في دخولِهم على النجاشيِّ، وفي آخر -: فجاءَ ابنُ مسعود، فبادرَ، فشهدَ بدرًا.
وروى آدمُ ابنُ أبي إياسٍ في "تفسيره": حدثَنا أبو مَعْشر، عن محمدِ بنِ
كعبٍ، قال: قدمَ النبيُّ - ﷺ - المدينةَ، والناسُ يتكلمونَ بحوائجِهم في الصلاةِ، كما يتكلَّمُ أهلُ الكتابِ، فأنزلَ اللَّهُ: (وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ)، فسكتَ القومُ عن الكلامِ.
وهذا مرسلٌ. وأبو معشرٍ، هو: نجيحٌ السِّنديُّ، يتكلمونَ فيه.
وقد اتفقَ العلماءُ على أنَّ الصلاةَ تبطلُ بكلامِ الآدميين فيها عمدًا لغيرِ


الصفحة التالية
Icon