المكروهاتِ، قالَ عزَّ وجلَّ: (قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ).
وقال تعالى: (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ).
قال الحسنُ: قال أصحابُ النبيِّ - ﷺ -: يا رسولَ اللَّهِ، إنَّا نُحبّ ربَّنا حبًّا شديدًا، فأحبَّ اللَّه أن يجعلَ لحبّه علمًا، فأنزلَ اللَّهُ هذه الآية.
وفي "الصحيحين " عن النبيِّ - ﷺ -، قال: "ثلاثٌ منْ كُنَّ فيه وجَدَ حلاوةَ الإيمانِ: أنْ يكونَ اللَّهُ ورسولُهُ أحبَّ إليه ممَّا سواهُمَا، وأنْ يُحبَّ المرءَ لا يُحبُه إلا للَّهِ، وأنْ يكره أن يرْجِعَ إلى الكُفرِ بعد إذ أنقذَهُ اللَّهُ منه كما يكرَهُ أنْ يُلقَى في النارِ".
فمنْ أحبَّ اللَّهَ ورسولَهُ محبةً صادقةً من قلبِهِ، أوجبَ له ذلكَ أنْ يحبَّ
بقلبِهِ ما يُحبُّه اللَّهُ ورسولُهُ، ويكرهُ ما يكرههُ اللَّهُ ورسولُهُ، ويرضَى بما يَرضَى اللَّهُ رسولُهُ، ويسخطُ ما يسخطهُ اللَّهُ ورسولُهُ، وأنْ يعملَ بجوارحِهِ بمقتضَى هذا الحبِّ والبغضِ، فإنْ عملَ بجوارِحِهِ شيئًا يخالفُ ذلكَ، بأن ارتكبَ بعض ما يكرههُ اللَّهُ ورسولُه، أو تركَ بعضَ ما يحبهُ اللَّهُ ورسولُهُ مع وجوبِهِ والقدرةِ عليه، دل ذلكَ على نقصِ محبَّته الواجبةِ، فعليهِ أن يتوبَ من ذلكَ ويرجعَ إلى تكميلِ المحبةِ الواجبةِ.
قال أبو يعقوب النَّهْرُجُوريُّ: كلُّ من ادَّعى محبةَ اللَّه عزَّ وجل ولم يوافقِ
اللَّهَ في أمرِهِ، فدعواهُ باطلةٌ، وكلُّ محب ليسَ يخافُ اللَّهً، فهو مغرور.