وخرَّج الإمامُ أحمد بإسنادٍ منقطع، عن ابنِ عباسٍ، قالَ: صلَّى
رسولُ اللَّهِ - ﷺ - ركعتينِ ركعتينِ، وحين أقامَ أربعًا أربعًا، وقال ابن عباسٍ: فمن صلَّى في السفرِ أربعًا كمن صلَّى في الحضرِ ركعتينِ. وقال ابنُ عباسٍ.
لم تُقصر الصلاةُ إلا مرَّةً واحدةً حيثُ صلَّى رسولُ اللهِ - ﷺ - ركعتنِ، وصلَّى الناسُ ركعةً واحدةً.
يعني: في الخوفِ.
وروى وكِيع، عن سفيانَ، عن سالمٍ الأفْطسِ، عن سعيدِ بنِ جبيرٍ، قالَ:
صلَّى رسولُ اللهِ - ﷺ - صلاةَ الخوفِ ركعةً ركعةً.
قال سعيد: كيف تكون مقصورةً وهما ركعتانِ.
والوجهُ الثاني: أن القصرَ المذكورَ في هذهِ الآيةِ مطلق، يدخلُ فيه قصرُ
العددِ، وقصرُ الأركانِ، ومجموعُ ذلك يختصُّ بحالةِ الخوفِ في السفرِ، فأمَّا
إذا انفردَ أحدُ الأمرينِ - وهو السفرُ أو الخوف - فإنه يختصّ بأحدِ نوعي
القصرِ، فانفرادُ السفرِ يختصُّ بقصرِ العددِ، وانفرادُ الخوفِ يختصُّ بقصرِ
الأركانِ.
لكنْ هذا مما لم يُفهم من ظاهرِ القرآنِ، وإنما بيَّن دلالته عليه رسولُ اللَّهِ - ﷺ -، والآيةُ لا تنافيه، وإن كانَ ظاهرُها لا يدلُّ عليه، والله سبحانه وتعالى أعلمُ.
وقيلَ: إنَّ قولَه: (وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تقصُروا مِنَ الصَّلاةِ)